وَالْكِسَائِيُّ مِنَ إِلَهٍ غَيْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ حَيْثُ كَانَ عَلَى نَعْتِ الْإِلَهِ، وَافَقَ حَمْزَةُ فِي سُورَةِ فَاطِرٍ: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فَاطِرٌ: ٣] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِرَفْعِ الراء على التقديم، تقديره: مالكم غَيْرُهُ مِنَ إِلَهٍ، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ} [الأعراف: ٥٩] إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا, {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ٥٩]
[٦٠] {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ} [الأعراف: ٦٠] خَطَأٍ وَزَوَالٍ عَنِ الْحَقِّ، {مُبِينٍ} [الأعراف: ٦٠] بَيَّن.
[٦١] {قَالَ} [الأعراف: ٦١] نُوحٌ، {يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ} [الأعراف: ٦١] وَلَمْ يَقُلْ لَيْسَتْ، لِأَنَّ مَعْنَى الضَّلَالَةِ الضَّلَالُ أَوْ عَلَى تَقْدِيمِ الْفِعْلِ، {وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٦١]
[٦٢] {أُبَلِّغُكُمْ} [الأعراف: ٦٢] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: (أُبْلِغُكُمْ) بِالتَّخْفِيفِ حَيْثُ كَانَ مِنَ الْإِبْلَاغِ. لِقَوْلِهِ: (لقد أبلغتكم) ، {رِسَالَاتِ رَبِّي} [الأعراف: ٦٢] لِيَعْلَمَ أَنَّ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّبْلِيغِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [الْمَائِدَةُ: ٦٧] رِسَالَاتِ رَبِّي، {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف: ٦٢] يُقَالُ: نَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ. وَالنُّصْحُ أَنْ يُرِيدَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُرِيدُ لِنَفْسِهِ، {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٦٢] أن عقابه لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.
[٦٣] {أَوَعَجِبْتُمْ} [الأعراف: ٦٣] أَلْفُ اسْتِفْهَامٍ دَخَلَتْ عَلَى وَاوِ الْعَطْفِ، {أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ٦٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مَوْعِظَةٌ. وَقِيلَ: بَيَانٌ. وَقِيلَ. رِسَالَةٌ. {عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} [الأعراف: ٦٣] عَذَابَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا، {وَلِتَتَّقُوا} [الأعراف: ٦٣] أَيْ: لِكَيْ تَتَّقُوا اللَّهَ، {وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٦٣] لكي ترحموا.
[٦٤] {فَكَذَّبُوهُ} [الأعراف: ٦٤] يعني: كذبوا نوحا، {فَأَنْجَيْنَاهُ} [الأعراف: ٦٤] مِنَ الطُّوفَانِ، {وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} [الأعراف: ٦٤] فِي السَّفِينَةِ، {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} [الأعراف: ٦٤] أَيْ: كُفَّارًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَمِيَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: عَمُوا عَنِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ، يُقَالُ: رِجْلٌ عَمٍ عَنِ الْحَقِّ وَأَعْمَى فِي الْبَصَرِ. وَقِيلَ: الْعَمِيُّ وَالْأَعْمَى كَالْخَضِرِ وَالْأَخْضَرِ. قَالَ مقاتل: عموا عن نزول العذاب وَهُوَ الْغَرَقُ.
[٦٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: ٦٥] أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَادٍ، وَهُوَ عَادُ بْنُ عَوْصِ بْنِ إِرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهِيَ عَادٌ الْأُولَى أَخَاهُمْ فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ، (هُودًا) وَهُوَ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الْجلودِ بْنِ عَادِ بْنِ عَوْصٍ. وَقَالَ ابن إسحاق: هود بن شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، {قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [الأعراف: ٦٥] أَفَلَا تَخَافُونَ نِقْمَتَهُ؟
[٦٦] {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ} [الأعراف: ٦٦] يا هود، {فِي سَفَاهَةٍ} [الأعراف: ٦٦] فِي حُمْقٍ وَجَهَالَةٍ. قَالَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما: تدعو إِلَى دِينٍ لَا نَعْرِفُهُ، {وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [الأعراف: ٦٦] أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْنَا.
[٦٧] {قَالَ} [الأعراف: ٦٧] هُودٌ {يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٦٧]
[قوله تعالى أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ] أَمِينٌ. . . .
[٦٨] {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: ٦٨] نَاصِحٌ أَدْعُوكُمْ إِلَى التَّوْبَةِ أَمِينٌ عَلَى الرِّسَالَةِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ. كُنْتُ فِيكُمْ قَبْلَ الْيَوْمِ أَمِينًا.
[٦٩] {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ} [الأعراف: ٦٩] يَعْنِي نَفْسَهُ، {لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ} [الأعراف: ٦٩] يَعْنِي فِي الْأَرْضِ، {مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: ٦٩] أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِهْلَاكِهِمْ، {وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: ٦٩] أي: طولا وقوة {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ} [الأعراف: ٦٩] نِعَمَ اللَّهِ، وَاحِدُهَا إِلًى وَآلَاءُ، مِثْلَ: مِعًى وَأَمْعَاءٍ، وَقَفًا وَأَقْفَاءٍ ونظيرها: (آناء الليل) ، وَاحِدُهَا أَنَا وَآنَاءٌ، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: ٦٩]
[٧٠] {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف: ٧٠] مِنَ الْأَصْنَامِ، {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [الأعراف: ٧٠] مِنَ الْعَذَابِ، {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأعراف: ٧٠]
[٧١] {قَالَ} [الأعراف: ٧١] هود {قَدْ وَقَعَ} [الأعراف: ٧١] وَجَبَ وَنَزَلَ، {عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ} [الأعراف: ٧١] أَيْ: عَذَابٌ، وَالسِّينُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الزاي، {وَغَضَبٌ} [الأعراف: ٧١] أَيْ: سَخَطٌ،