للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَظَرْتَ بِهِ ثَمَّ يَعْنِي فِي الجنة، {رَأَيْتَ نَعِيمًا} [الإنسان: ٢٠] لا يوصف، {وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: ٢٠] وَهُوَ أَنَّ أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً يَنْظُرُ إِلَى مُلْكِهِ فِي مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ يَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أدناه. قال مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُوَ أَنَّ رَسُولَ رَبِّ الْعِزَّةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَقِيلَ: مُلْكًا لَا زَوَالَ لَهُ.

[٢١] {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} [الإنسان: ٢١] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَحَمْزَةُ (عَالِيهِمْ) سَاكِنَةَ الْيَاءِ مَكْسُورَةَ الْهَاءِ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ ثِيَابُ سُنْدُسٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِنَصْبِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْهَاءِ عَلَى الصِّفَةِ، أَيْ فَوْقَهُمْ، وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الظَّرْفِ، ثِيَابُ سُنْدُسٍ {خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] قِيلَ: طَاهِرًا مِنَ الْأَقْذَارِ وَالْأَقْذَاءِ لَمْ تُدَنِّسْهُ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ كَخَمْرِ الدُّنْيَا. وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَإِبْرَاهِيمُ: إِنَّهُ لَا يَصِيرُ بَوْلًا نَجِسًا وَلَكِنَّهُ يَصِيرُ رَشْحًا فِي أَبْدَانِهِمْ، كَرِيحِ الْمِسْكِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بالطعام فيأكلون، فَإِذَا كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أُتُوا بالشراب الطهور، فيشربون فتطهر بُطُونَهُمْ وَيَصِيرُ مَا أَكَلُوا رَشْحًا يخرج من جلودهم أَطْيَبَ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، وَتَضْمُرُ بُطُونُهُمْ وَتَعُودُ شَهْوَتُهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ عَيْنُ مَاءٍ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا نَزَعَ اللَّهُ مَا كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ غِلٍّ وَغِشٍّ وَحَسَدٍ.

[٢٢] {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} [الإنسان: ٢٢] أَيْ مَا وُصِفَ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ كَانَ لَكُمْ جَزَاءً بِأَعْمَالِكُمْ، وَكَانَ سَعْيُكُمْ عَمَلُكُمْ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَةِ اللَّهِ مَشْكُورًا، قَالَ عَطَاءٌ: شكرتكم عليه وأثبتكم أَفْضَلَ الثَّوَابِ.

[٢٣] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} [الإنسان: ٢٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُتَفَرِّقًا آيَةً بَعْدَ آيَةٍ، وَلَمْ يَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً.

[٢٤] {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ} [الإنسان: ٢٤] يَعْنِي مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ، {آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] يعني وكفورا، والألف صلة.

[قوله تعالى وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا] . . .

[٢٥ - ٢٦] قوله - عز وجل -: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا - وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} [الإنسان: ٢٥ - ٢٦] يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، {وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: ٢٦] يَعْنِي التَّطَوُّعَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ.

[٢٧] {إِنَّ هَؤُلَاءِ} [الإنسان: ٢٧] يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ {يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} [الإنسان: ٢٧] أَيِ الدَّارَ الْعَاجِلَةَ وَهِيَ الدُّنْيَا. {وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ} [الإنسان: ٢٧] يعني أمامهم، {يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان: ٢٧] شَدِيدًا وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. أَيْ يتركون فَلَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَلَا يَعْمَلُونَ له.

[٢٨] {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا} [الإنسان: ٢٨] قوينا وأحكمنا، {أَسْرَهُمْ} [الإنسان: ٢٨] قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: أَسْرَهُمْ أَيْ خَلْقَهُمْ، يُقَالُ رَجُلٌ حَسَنُ الْأَسْرِ أَيِ الْخَلْقِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: يعني أوصالهم شددنا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ بِالْعُرُوقِ وَالْعَصَبِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ الأسر قال: الفرج يَعْنِي مَوْضِعَ مَصْرَفَيِ الْبَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>