للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جليسه بسوء اللفظ، واللمزة الَّذِي يُومِضُ بِعَيْنِهِ وَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ، ويرمز بحاجبه. وهما لغتان لِلْفَاعِلِ نَحْوُ سُخَرَةٍ وَضُحَكَةٍ لِلَّذِي يسخر ويضحك من الناس، وَأَصْلُ الْهَمْزِ: الْكَسْرُ وَالْعَضُّ عَلَى الشيء بالعنف.

[٢] ثُمَّ وَصَفَهُ فَقَالَ: {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ} [الهمزة: ٢] أَحْصَاهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اسْتَعَدَّهُ وَادَّخَرَهُ وَجَعَلَهُ عَتَادًا لَهُ، يُقَالُ: أَعْدَدْتُ الشَّيْءَ وَعَدَّدْتُهُ إِذَا أَمْسَكْتُهُ.

[٣] {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} [الهمزة: ٣] فِي الدُّنْيَا يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يموت مع يساره.

[٤] {كَلَّا} [الهمزة: ٤] رد عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخَلِّدَهُ مَالُهُ، {لَيُنْبَذَنَّ} [الهمزة: ٤] ليطرحن، {فِي الْحُطَمَةِ} [الهمزة: ٤] فِي جَهَنَّمَ، وَالْحَطْمَةُ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ مِثْلُ سَقَرَ وَلَظَى سُمِّيَتْ حُطَمَةَ لِأَنَّهَا تَحْطِمُ الْعِظَامَ وَتَكْسِرُهَا.

[٥- ٧] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ - نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ - الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: ٥ - ٧] أي التي بلغ أَلَمُهَا وَوَجَعُهَا إِلَى الْقُلُوبِ، وَالِاطِّلَاعُ والبلوغ التطلع بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُحْكَى عَنِ الْعَرَبِ مَتَى طَلَعْتَ أَرْضَنَا أَيْ بَلَغْتَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهَا تَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى فُؤَادِهِ، قَالَهُ الْقُرَظِيُّ وَالْكَلْبِيُّ.

[٨] {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: ٨] مُطْبَقَةٌ مُغْلَقَةٌ.

[٩] {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة: ٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَدْخَلَهُمْ فِي عمد فمدت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل سدت عليهم بها الأبواب، وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّهَا عُمُدٌ يُعَذَّبُونَ بِهَا فِي النَّارِ. وَقِيلَ: هِيَ أَوْتَادُ الْأَطْبَاقِ الَّتِي تُطْبِقُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، أَيْ أَنَّهَا مُطْبِقَةٌ عَلَيْهِمْ بِأَوْتَادٍ مُمَدَّدَةٍ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ (بِعُمُدٍ) بِالْبَاءِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَطْبَقَتِ الْأَبْوَابُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ سُدَّتْ بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ نَارٍ حَتَّى يَرْجِعَ عليهم غمها وحرها فلا يفتف عَلَيْهِمْ بَابٌ وَلَا يُدْخَلُ عَلَيْهِمْ ريح، وَالْمُمَدَّدَةُ مِنْ صِفَةِ الْعَمَدِ، أَيْ مُطَوَّلَةٍ فَتَكُونُ أَرْسَخُ مِنَ الْقَصِيرَةِ.

[سورة الفيل]

[قوله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ] . . .

(١٠٥) سورة الْفِيلِ [١] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١] أبرهة بالعننص بن الصياح وأتباعه الذين قصدوا هدم الكعبة".

[٢] {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: ٢] كيدهم يعني مكرهم وسعيم فِي تَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ. وَقَوْلُهُ: فِي تضليل عما أرادوإ، ضلل كَيْدَهُمْ حَتَّى لَمْ يَصِلُوا إِلَى الْكَعْبَةِ، وَإِلَى مَا أَرَادُوهُ بِكَيْدِهِمْ. وقال مُقَاتِلٌ: فِي خَسَارَةٍ وَقِيلَ: فِي بُطْلَانٍ.

[٣] {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: ٣] كَثِيرَةً مُتَفَرِّقَةً يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَقِيلَ: أَقَاطِيعَ كَالْإِبِلِ الْمُؤَبَّلَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَبَابِيلُ جَمَاعَاتٌ فِي تَفْرِقَةٍ، يُقَالُ. جَاءَتِ الْخَيْلُ أَبَابِيلُ من ههنا وههنا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ طَيْرًا لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَهَا رُؤُوسٌ كَرُؤُوسِ السِّبَاعِ. قَالَ الرَّبِيعُ: لَهَا أَنْيَابٌ كَأَنْيَابِ السِّبَاعِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: خُضْرٌ لَهَا مَنَاقِيرُ صُفْرٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: طَيْرٌ سُودٌ جَاءَتْ مِنْ قَبْلِ الْبَحْرِ فَوْجًا فَوْجًا مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ وَحَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ لَا تُصِيبُ شيثا إِلَّا هَشَمَتْهُ.

[٤] {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: ٤] قال ابن مَسْعُودٍ صَاحَتِ الطَّيْرُ وَرَمَتْهُمْ بِالْحِجَارَةِ فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَضَرَبَتِ الْحِجَارَةَ فَزَادَتْهَا شِدَّةً فَمَا وَقَعَ مِنْهَا حَجَرٌ عَلَى رَجُلٍ إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ.

[٥] {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: ٥] كزرع وتين أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ فُرَاثَتْهُ فَيَبِسَ وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ، شَبَّهَ تَقَطُّعَ أَوْصَالِهِمْ بِتَفَرُّقِ أَجْزَاءِ الرَّوْثِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ التِّبْنُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كَالْحَبِّ إِذَا أُكِلَ فَصَارَ أَجْوَفَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْقِشْرُ الْخَارِجُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى حَبِّ الْحِنْطَةِ كَهَيْئَةِ الغلاف له.

[سورة قريش]

[قوله تعالى لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ] وَالصَّيْفِ. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>