للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الاستغفار {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ} [المنافقون: ٥] يُعْرِضُونَ عَمَّا دُعُوا إِلَيْهِ، {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: ٥] مُتَكَبِّرُونَ عَنِ اسْتِغْفَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ.

[٦] {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: ٦] يَا مُحَمَّدُ، {أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المنافقون: ٦] قيل لعبد اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ في مرض موته: اذهب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَلَوَى رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَرْتُمُونِي أَنْ أُؤْمِنَ فَآمَنْتُ، وَأَمَرْتُمُونِي أَنْ أُعْطِيَ زَكَاةَ مَالِي فَقَدْ أَعْطَيْتُ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ أَسْجُدَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} [المنافقون: ٥] الْآيَةَ.

[٧] وَنَزَلَ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: ٧] يَتَفَرَّقُوا، {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: ٧] فَلَا يُعْطِي أَحَدٌ أَحَدًا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ، {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: ٧] أَنَّ أَمْرَهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

[٨] {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} [المنافقون: ٨] عن غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] فَعِزَّةُ اللَّهِ قَهْرُهُ مَنْ دُونَهُ، وَعِزَّةُ رَسُولِهِ إِظْهَارُ دِينِهِ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا، وَعِزَّةُ الْمُؤْمِنِينَ نَصْرُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ.

{وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: ٨] ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمُوا مَا قَالُوا هذه المقالة.

[٩] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ} [المنافقون: ٩] لَا تَشْغَلْكُمْ {أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: ٩] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: يَعْنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: ٣٧] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [المنافقون: ٩] أَيْ مَنْ شَغَلَهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ {فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ١٧٨]

[١٠] {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [المنافقون: ١٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المنافقون: ١٠] فَيَسْأَلُ الرَّجْعَةَ، {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} [المنافقون: ١٠] هَلَّا أَخَّرْتَنِي أَمْهَلْتَنِي، وَقِيلَ: (لَا) صِلَةٌ فَيَكُونُ الْكَلَامُ بِمَعْنَى التَّمَنِّي أَيْ لَوْ أَخَّرْتَنِي، {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} [المنافقون: ١٠] فَأَتَصَدَّقَ وَأُزَكِّي مَالِي، {وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: ١٠] أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} [الرعد: ٢٣] هَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ وَجَمَاعَةٍ، وَقَالُوا: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ.

وَقِيلَ: نزَلَتِ الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ.

وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاحِ هُنَا الْحَجُّ، وَرَوَى الضَّحَّاكُ وعطية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ وَأَطَاقَ الْحَجَّ فَلَمْ يَحُجَّ إِلَّا سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَرَأَ هذه الآية.

[١١] {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: ١١] قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ (يَعْمَلُونَ) بِالْيَاءِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ.

[سُورَةُ التَّغَابُنِ]

[قوله تعالى يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ] لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>