للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُتُبِ، {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩٧] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

[٩٨] {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: ٩٨] خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ مع دخولها في قوله: {وَمَلَائِكَتِهِ} [البقرة: ٩٨] تفضيلًا وتخصيصًا وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى " أَوْ " يَعْنِي: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ لِلْكُلِّ، لِأَنَّ الْكَافِرَ بِالْوَاحِدِ كَافِرٌ بِالْكُلِّ، {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٨]

قال ابْنُ صُورِيَا: مَا جِئْتِنَا بِشَيْءٍ نَعْرِفُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:

[٩٩] {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [البقرة: ٩٩] وَاضِحَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ، {وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة: ٩٩] الْخَارِجُونَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وجلّ.

[١٠٠] {أَوَكُلَّمَا} [البقرة: ١٠٠] واو العطف عَلَيْهَا أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ، {عَاهَدُوا عَهْدًا} [البقرة: ١٠٠] يَعْنِي: الْيَهُودَ عَاهَدُوا: لَئِنْ خَرَجَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتؤمنن به، فلما خرج إليهم مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفروا به، وَقَالَ عَطَاءٌ: هِيَ الْعُهُودُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْيَهُودِ: أَنْ لَا يُعَاوِنُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِهِ، فَنَقَضُوهَا كَفِعْلِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ} [الأنفال: ٥٦] {نَبَذَهُ} [البقرة: ١٠٠] طرحه ونقضه {فَرِيقٌ} [البقرة: ١٠٠] طوائف {مِنْهُمْ} [البقرة: ١٠٠] ؛ من الْيَهُودُ، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: ١٠٠]

[١٠١] {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة: ١٠١] يَعْنِي: مُحَمَّدًا {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: ١٠١] يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، وَقِيلَ: الْقُرْآنَ، {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠١] قال الشعبي: كانوا يقرؤون التوراة ولا يعملون بها.

[قوله تعالى وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ] . . . .

[١٠٢] {وَاتَّبَعُوا} [البقرة: ١٠٢] يَعْنِي: الْيَهُودَ {مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} [البقرة: ١٠٢] أَيْ: مَا تَلَتْ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْضِعَ الْمَاضِي، وَالْمَاضِي مَوْضِعَ المستقبل، وقيل: ما كانت تَتْلُو، أَيْ: تَقْرَأُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَتَّبِعُ وَتَعْمَلُ بِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: تَحَدَّثُ وتتكلم به, {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [الْبَقَرَةِ: ١٠٢] أَيْ: في ملكه وعهده {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة: ١٠٢] بِالسِّحْرِ، وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ سُلَيْمَانُ كافرًا يسحر وَيَعْمَلُ بِهِ {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: ١٠٢] معنى لَكِنْ نَفْيُ الْخَبَرِ الْمَاضِي وَإِثْبَاتُ المستقبل، {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: ١٠٢] قِيلَ مَعْنَى السِّحْرِ: الْعِلْمُ وَالْحِذْقُ بِالشَّيْءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الزُّخْرُفِ: ٤٩] أَيِ: الْعَالِمُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ السِّحْرَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّمْوِيهِ وَالتَّخْيِيلِ، وَالسِّحْرُ وُجُودُهُ حَقِيقَةً عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأُمَمِ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ به كفر.

وقوله عر وَجَلَّ: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} [البقرة: ١٠٢] أَيْ: وَيُعَلِّمُونَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، أَيْ: إِلْهَامًا وَعِلْمًا، فَالْإِنْزَالُ: بِمَعْنَى الْإِلْهَامِ وَالتَّعْلِيمِ، وَقِيلَ: وَاتَّبَعُوا ما أنزل على الملكين

<<  <  ج: ص:  >  >>