للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسَى أَنْ يَأْتِيَ هَارُونَ وَأَوْحَى إِلَى هَارُونَ وَهُوَ بِمِصْرَ أَنْ يَتَلَقَّى مُوسَى فَتَلَقَّاهُ إِلَى مَرْحَلَةٍ وَأَخْبَرَهُ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤] أَيِ يتعظ ويخاف ويسلم، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: ٤٤] وقد سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَتَذَكَّرُ وَلَا يُسْلِمُ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ اذْهَبَا عَلَى رَجَاءٍ مِنْكُمَا وَطَمَعٍ وَقَضَاءُ اللَّهِ وَرَاءَ أَمْرِكُمَا. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: هُوَ يَنْصَرِفُ إِلَى غَيْرِ فِرْعَوْنَ مَجَازُهُ لَعَلَّهُ يتذكر وَيَخْشَى خَاشٍ إِذَا رَأَى بِرِّي وَأَلْطَافِي بِمَنْ خَلَقْتُهُ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ ثم ادعى الربوبية.

[٤٥] {قَالَا} [طه: ٤٥] يَعْنِي مُوسَى وَهَارُونَ، {رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} [طه: ٤٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَعْجَلُ عَلَيْنَا بِالْقَتْلِ وَالْعُقُوبَةِ، يُقَالُ: فَرَطَ عَلَيْهِ فُلَانٌ إِذَا عَجِلَ بِمَكْرُوهٍ، وَفَرَطَ مِنْهُ أَمْرٌ أَيْ بَدَرَ وَسَبَقَ، {أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه: ٤٥] أَيْ يُجَاوِزُ الْحَدَّ فِي الْإِسَاءَةِ إِلَيْنَا.

[٤٦] {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْمَعُ دُعَاءَكُمَا فَأُجِيبُهُ وَأَرَى مَا يُرَادُ بِكُمَا فَأَمْنَعُهُ لَسْتُ بِغَافِلٍ عَنْكُمَا فَلَا تَهْتَمَّا.

[٤٧] {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} [طه: ٤٧] أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [طه: ٤٧] أَيْ خلِّ عَنْهُمْ وَأَطْلِقْهُمْ مِنْ أعمالك، {وَلَا تُعَذِّبْهُمْ} [طه: ٤٧] لَا تُتْعِبْهُمْ فِي الْعَمَلِ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، {قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ} [طه: ٤٧] قَالَ فِرْعَوْنُ: وَمَا هِيَ؟ فَأَخْرَجَ يَدَهُ لَهَا شُعَاعٌ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ، {وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} [طه: ٤٧] لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّحِيَّةَ إِنَّمَا معناه يسلم مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَنْ أَسْلَمَ.

[٤٨] {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: ٤٨] أي إِنَّمَا يُعَذِّبُ اللَّهُ مَنْ كَذَّبَ بِمَا جِئْنَا بِهِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ.

[٤٩] {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يا مُوسَى} [طه: ٤٩] مَنْ إِلَهُكُمَا الَّذِي أَرْسَلَكُمَا.

[٥٠] {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠] قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ صَلَاحَهُ وَهُدَاهُ لِمَا يُصْلِحُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ صُورَتَهُ لَمْ يَجْعَلْ خَلْقَ الْإِنْسَانِ كَخَلْقِ الْبَهَائِمِ، وَلَا خَلْقَ الْبَهَائِمِ كَخَلْقِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ هَدَاهُ إِلَى مَنَافِعِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ يَعْنِي الْيَدَ لِلْبَطْشِ وَالرِّجْلَ لِلْمَشْيِ وَاللِّسَانَ لِلنُّطْقِ وَالْعَيْنَ لِلنَّظَرِ والأذن للسمع.

[قوله تعالى قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى. . . .]

[٥١] {قَالَ} [طه: ٥١] فِرْعَوْنُ، {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: ٥١] وَمَعْنَى الْبَالِ الْحَالُ، أَيْ مَا حَالُ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ فِيمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَتُنْكِرُ الْبَعْثَ.

[٥٢] {قَالَ} [طه: ٥٢] موسى، {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [طه: ٥٢] أَيْ أَعْمَالُهُمْ مَحْفُوظَةٌ عِنْدَ اللَّهِ يُجَازِي بِهَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>