الْكَلْبِيُّ: مَنْ بَقِيَ عَلِمَ ذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ أَمْرُهُ وَعَلَا، وَمَنْ مَاتَ عَلِمَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: ابْنَ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ.
[سُورَةُ الزُّمَرِ]
[قوله تعالى تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ] . . .
(٣٩) سورة الزمر [١] {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} [الزمر: ١] أي هذا تنزيل الكتاب. وَقِيلَ: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ، {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الزمر: ١] أَيْ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ.
[٢] {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [الزمر: ٢] قال مقاتل: لم ينزله بَاطِلًا لِغَيْرِ شَيْءٍ، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: ٢] الطَّاعَةَ.
[٣] {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: ٣] قَالَ قَتَادَةُ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَ الْخَالِصَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: الدِّينُ الْخَالِصُ مِنَ الشَّرَكِ هُوَ لِلَّهِ. {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ٣] أَيْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، {أَوْلِيَاءَ} [الزمر: ٣] يعني الأصنام، {مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: ٣] أَيْ قَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ، {إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزُّمَرِ: ٣] وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كانوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ: مَنْ رَبُّكُمْ وَمَنْ خَلَقَكُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالُوا: اللَّهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَمَا مَعْنَى عِبَادَتِكُمُ الْأَوْثَانَ؟ قَالُوا: لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى أَيْ قُرْبَى، وَهُوَ اسْمٌ أُقِيمَ فِي مَقَامِ الْمَصْدَرِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ تَقْرِيبًا وَيَشْفَعُوا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ، {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [الزمر: ٣] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: ٣] مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: ٣] لَا يُرْشِدُ لِدِينِهِ مَنْ كَذَبَ فقال: إن الآلهة لتشفع. وَكَفَى بِاتِّخَاذِ الْآلِهَةِ دُونَهُ كَذِبًا وَكُفْرًا.
[٤] {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى} [الزمر: ٤] لَاخْتَارَ، {مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [الزمر: ٤] يعني الملائكة، كما قالوا: لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتخذناه من لدنا، ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ فَقَالَ: {سُبْحَانَهُ} [الزمر: ٤] تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَعَمَّا لَا يَلِيقُ بِطَهَارَتِهِ، {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الزمر: ٤]
[٥] {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: ٥] قَالَ قَتَادَةُ: يُغْشِي هَذَا هَذَا، كَمَا قَالَ: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الْأَعْرَافِ: ٥٤] وَقِيلَ: يُدْخِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا قَالَ: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [الْحَجِّ: ٦١] وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ: يُنْقِصُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَزِيدُ فِي النَّهَارِ، وَيُنْقِصُ مِنَ النَّهَارِ فَيَزِيدُ فِي اللَّيْلِ، فَمَا نَقَصَ مِنَ اللَّيْلِ دَخَلَ فِي النَّهَارِ وَمَا نَقَصَ مِنَ النَّهَارِ دَخَلَ فِي اللَّيْلِ، وَمُنْتَهَى النُّقْصَانِ تِسْعُ سَاعَاتٍ وَمُنْتَهَى الزِّيَادَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةً، وَأَصْلُ التَّكْوِيرِ اللَّفُّ وَالْجَمْعُ، وَمِنْهُ: كَوَّرَ الْعِمَامَةَ. {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر: ٥]
[قوله تعالى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا] زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ. . .
[٦] {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الزمر: ٦] يَعْنِي آدَمَ، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: ٦] يَعْنِي حَوَّاءَ، {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} [الزمر: ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute