يُقَالُ: سَغَبَ يَسْغُبُ سَغْبًا إِذَا جاع.
[١٥] {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: ١٥] أَيْ ذَا قَرَابَةٍ يُرِيدُ يَتِيمًا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ.
[١٦] {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦] قَدْ لَصِقَ بِالتُّرَابِ مِنْ فَقْرِهِ وَضُرِّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمَطْرُوحُ فِي التُّرَابِ لا يقيه شيء. والمتربة مَصْدَرُ تَرِبَ يَتْرَبُ تَرَبًا وَمَتْرَبَةً إِذَا افْتَقَرَ.
[١٧] {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٧] ثم بين أن هذا الْقُرَبَ إِنَّمَا تَنْفَعُ مَعَ الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: (ثُمَّ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، {وَتَوَاصَوْا} [البلد: ١٧] أوصى بعضهم بعضا، {بِالصَّبْرِ} [البلد: ١٧] عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَأَوَامِرِهِ، {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: ١٧] بِرَحْمَةِ النَّاسِ.
[١٨- ٢٠] {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ - وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ - عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} [البلد: ١٨ - ٢٠] مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُهَا لَا يَدْخُلُ فِيهَا رَوْحٌ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا غم، يُقَالُ: آصَدْتُ الْبَابَ وَأَوْصَدْتُهُ إِذَا أغلقته وأطبقته.
[سورة الشمس]
[قوله تعالى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا. .] .
(٩١) سورة الشمس [١] {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] قال مجاهد والكلبي: ضوؤها، وَالضُّحَى: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، فَيَصْفُو ضوؤها. قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: حَرُّهَا، كَقَوْلِهِ فِي طه: {وَلَا تَضْحَى} [طه: ١١٩] يَعْنِي لَا يُؤْذِيكَ الْحَرُّ.
[٢] {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: ٢] تَبِعَهَا وَذَلِكَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، تَلَاهَا الْقَمَرُ فِي الْإِضَاءَةِ وَخَلَفَهَا فِي النُّورِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَذَلِكَ حين استدار يعني كمل ضوؤه فصار تَابِعًا لِلشَّمْسِ فِي الْإِنَارَةِ وَذَلِكَ فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ.
[٣] {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} [الشمس: ٣] يَعْنِي إِذَا جَلَّى الظُّلْمَةَ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ لِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا.
[٤] {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس: ٤] يَعْنِي يَغْشَى الشَّمْسَ حِينَ تَغِيبُ فَتُظْلِمُ الْآفَاقُ.
[٥] {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥] قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَمَنْ بَنَاهَا وَخَلَقَهَا، وقال عطاء: يريد وَالَّذِي بَنَاهَا. وَقَالَ الفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: (مَا) بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، أَيْ وَبِنَائِهَا كَقَوْلِهِ: {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: ٢٧]
[٦] {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: ٦] بسطها.
[٧] {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشمس: ٧] عَدَلَ خَلْقَهَا وَسَوَّى أَعْضَاءَهَا، قَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ جَمِيعَ مَا خَلَقَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
[٨] {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: بَيَّنَ لَهَا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَطِيَّةَ: عَلَّمَهَا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ. وَرَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عنه: عرفها ما تأتي وما تتقي. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَلْزَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: جَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ يَعْنِي بِتَوْفِيقِهِ إِيَّاهَا لِلتَّقْوَى، وَخِذْلَانِهِ إِيَّاهَا لِلْفُجُورِ. وَاخْتَارَ الزَّجَّاجُ هَذَا، وَحَمَلَ الْإِلْهَامَ عَلَى التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَ فِي الْمُؤْمِنِ التَّقْوَى وَفِي الْكَافِرِ الفجور.
[٩] {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشَّمْسِ: ٩] وَهَذَا مَوْضِعُ الْقَسَمِ أَيْ فَازَتْ وَسَعِدَتْ نَفْسٌ زَكَّاهَا اللَّهُ، أَيْ أَصْلَحَهَا وَطَهَّرَهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَوَفَّقَهَا لِلطَّاعَةِ.
[١٠] {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: ١٠] أي خانت وَخَسِرَتْ نَفْسٌ أَضَلَّهَا اللَّهُ فَأَفْسَدَهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ فَأَصْلَحَهَا وَحَمَلَهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أَهْلَكَهَا وَأَضَلَّهَا وَحَمَلَهَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَجَعَلَ الفعل للنفس، ودساها أَصْلُهُ: دَسَّسَهَا مِنَ التَّدْسِيسِ، وَهُوَ إِخْفَاءُ الشَّيْءِ، فَأُبْدِلَتِ السِّينُ الثَّانِيَةُ ياء، وَالْمَعْنَى هَاهُنَا: أَخْمَلَهَا وَأَخْفَى مَحَلَّهَا بالكفر والمعصية.
[١١] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشمس: ١١] بِطُغْيَانِهَا وَعُدْوَانِهَا أَيِ الطُّغْيَانُ حَمَلَهُمْ عَلَى التَّكْذِيبِ.