للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس وعطاء: هو الْمُسَبِّحُ، مِنْ قَوْلِهِ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سَبَأٍ: ١٠] وَقَالَ قَتَادَةُ: هو المصلي. {حَفِيظٍ} [ق: ٣٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَافِظُ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: هُوَ الَّذِي يَحْفَظُ ذُنُوبَهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهَا وَيَسْتَغْفِرَ مِنْهَا. قَالَ قَتَادَةُ: حَفِيظٌ لِمَا اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ. قال الضحاك: المحافظ عَلَى نَفْسِهِ الْمُتَعَهِّدُ لَهَا. قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْمُرَاقِبُ. قَالَ سَهْلُ بْنُ عبد الله: هو الْمُحَافِظُ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالْأَوَامِرِ.

[٣٣] {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [ق: ٣٣] مَحَلُّ (مَنْ) جَرٌّ عَلَى نَعْتِ الأواب. وقيل: رفع على الاستئناف، وَمَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ خَافَ الرَّحْمَنَ وَأَطَاعَهُ بِالْغَيْبِ وَلَمْ يَرَهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي فِي الْخَلْوَةِ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ. قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَرْخَى السِّتْرَ وَأَغْلَقَ الباب. {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: ٣٣] مُخْلِصٍ مُقْبِلٍ إِلَى طَاعَةَ اللَّهِ.

[٣٤] {ادْخُلُوهَا} [ق: ٣٤] أَيْ يُقَالُ لِأَهْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ: ادْخُلُوهَا، أَيِ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ. {بِسَلَامٍ} [ق: ٣٤] بِسَلَامَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَالْهُمُومِ. وَقِيلَ: بِسَلَامٍ مِنَ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: بِسَلَامَةٍ مِنْ زَوَالِ النِّعَمِ، {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق: ٣٤]

[٣٥] {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا} [ق: ٣٥] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَنْتَهِيَ مَسْأَلَتُهُمْ فَيُعْطَوْنَ مَا شَاءُوا، ثُمَّ يَزِيدُهُمُ اللَّهُ مِنْ عِنْدِهِ مَا لَمْ يَسْأَلُوهُ، وَهُوَ قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: ٣٥] يَعْنِي الزِّيَادَةَ لَهُمْ فِي النَّعِيمِ مما لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ. وَقَالَ جَابِرٌ وَأَنَسٌ: هُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الله الكريم.

[قوله تعالى وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ] مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ. . .

[٣٦] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} [ق: ٣٦] ضَرَبُوا وَسَارُوا وَتَقَلَّبُوا وَطَافُوا، وَأَصْلُهُ مِنَ النَّقْبِ وَهُوَ الطَّرِيقُ كَأَنَّهُمْ سَلَكُوا كُلَّ طَرِيقٍ، {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} [ق: ٣٦] فَلَمْ يَجِدُوا مَحِيصًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: هَلْ مِنْ مَحِيصٍ: مَفَرٍّ مِنَ الْمَوْتِ؟ فَلَمْ يَجِدُوا منه مفرًّا، وإنذار لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَّهُمْ عَلَى مِثْلِ سَبِيلِهِمْ لَا يَجِدُونَ مَفَرًّا عَنِ الْمَوْتِ، يَمُوتُونَ فَيَصِيرُونَ إِلَى عَذَابِ الله.

[٣٧] {إِنَّ فِي ذَلِكَ} [ق: ٣٧] فيما ذكرت من العبر والعذاب وإهلاك القرى، {لَذِكْرَى} [ق: ٣٧] تَذْكِرَةً وَعِظَةً، {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: ٣٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ عَقْلٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا جَائِزٌ فِي العربية، تقول: مالك قَلْبٌ وَمَا قَلْبُكَ مَعَكَ، أَيْ مَا عَقْلُكَ مَعَكَ. وَقِيلَ: لَهُ قَلْبٌ حَاضِرٌ مَعَ اللَّهِ. {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} [ق: ٣٧] اسْتَمَعَ الْقُرْآنَ، وَاسْتَمَعَ مَا يُقَالُ لَهُ لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: ألقِ إليَّ سمعكَ، يعني استمع، {وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧] ويعني حَاضِرُ الْقَلْبِ لَيْسَ بِغَافِلٍ وَلَا ساه.

[٣٨] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨] إعياء وتعب.

[٣٩] {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: ٣٩] مِنْ كَذِبِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، وَهَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [ق: ٣٩] أَيْ صلِّ حَمْدًا لِلَّهِ، {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [ق: ٣٩] يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، {وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ. ورُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَبْلَ الْغُرُوبِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ.

[٤٠] {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} [ق: ٤٠] يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَمِنَ اللَّيْلِ أَيْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَيَّ وَقْتٍ صَلَّى. {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٤٠] قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَحَمْزَةَ: (وَإِدْبَارَ السُّجُودِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، مَصْدَرُ أَدْبَرَ إدبار، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا عَلَى جَمْعِ الدُّبُرِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: أَدْبَارَ السُّجُودِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَأَدْبَارُ النُّجُومِ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وقال مجاهد: قوله: (أدبار السُّجُودِ) هُوَ التَّسْبِيحُ بِاللِّسَانِ فِي أدبار الصلوات المكتوبات.

[٤١] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق: ٤١] أَيْ وَاسْتَمِعْ يَا مُحَمَّدُ صَيْحَةَ الْقِيَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>