الْمَشْرِقِ وَدَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وأظلم، والغسق الظُّلْمَةُ، يُقَالُ غَسَقَ اللَّيْلُ وَأَغْسَقَ إِذَا أَظْلَمَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ، يَعْنِي: اللَّيْلَ إِذَا أَقْبَلَ ودخل، والوقوب: الدُّخُولُ، وَهُوَ دُخُولُ اللَّيْلِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي ظُلْمَةَ اللَّيْلِ إِذَا دَخَلَ سَوَادُهُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ اللَّيْلُ غَاسِقًا لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنَ النَّهَارِ، والغسق البرد.
[٤] {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤] يَعْنِي السَّوَاحِرَ اللَّاتِي يَنْفُثْنَ فِي عُقَدِ الْخَيْطِ حِينَ يَرْقَيْنَ عَلَيْهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُنَّ بَنَاتُ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ سَحَرْنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[٥] {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ٥] يَعْنِي الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَحْسُدُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[سورة الناس]
[قوله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس مَلِكِ النَّاسِ. . .]
(١١٤) سورة الناس [١- ٤] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ - مَلِكِ النَّاسِ - إِلَهِ النَّاسِ - مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: ١ - ٤] يَعْنِي الشَّيْطَانَ يَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمًا، قَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي الشَّيْطَانَ ذَا الْوَسْوَاسِ، الْخَنَّاسِ الرَّجَّاعِ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ وَإِذَا غُفِلَ وسوس. قال: الْخَنَّاسُ لَهُ خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الْكَلْبِ فِي صَدْرِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ. وَيُقَالُ: رَأْسُهُ كَرَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى ثَمَرَةِ الْقَلْبِ يُمَنِّيهِ وَيُحَدِّثُهُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ رَجَعَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ.
[٥] فَذَلِكَ {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} [النَّاسِ: ٥] بِالْكَلَامِ الْخَفِيِّ الَّذِي يَصِلُ مَفْهُومُهُ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ سماع.
[٦] {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: ٦] يَعْنِي يَدْخُلُ فِي الْجِنِّيِّ كَمَا يدخل في الإنسي، ويوسوس الجني كما يوسوس الإنسي، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ، وَقَوْلُهُ: فِي صُدُورِ النَّاسِ أَرَادَ بِالنَّاسِ مَا ذَكَرَ مِنْ بَعْدُ وَهُوَ الْجِنَّةُ وَالنَّاسُ، فَسَمَّى الْجِنَّ نَاسًا كَمَا سَمَّاهُمْ رِجَالًا، فَقَالَ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: ٦] والحمد لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا الله، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute