للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: هِيَ الرِّزْقُ الْحَلَّالُ. قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الْقَنَاعَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَعْنِي الْعَيْشَ فِي الطَّاعَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: هِيَ حَلَاوَةُ الطَّاعَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هِيَ الْجَنَّةُ. وَرَوَاهُ عَوْفٌ عَنِ الْحُسْنِ. وَقَالَ: لَا تَطِيبُ الْحَيَاةُ لِأَحَدٍ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ. {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧]

[٩٨] {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: ٩٨] أي: إذا أَرَدْتَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [الْمَائِدَةِ: ٦] وَالِاسْتِعَاذَةُ سُنَّةٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَعْدَهَا وَلَفْظُهُ أَنْ يَقُولَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشيطان الرجيم. وَالِاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ هِيَ الِاعْتِصَامُ بِهِ.

[٩٩] {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ} [النحل: ٩٩] حُجَّةٌ وَوِلَايَةٌ، {عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: ٩٩] قَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى ذَنْبٍ لَا يُغْفَرُ.

[١٠٠] {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل: ١٠٠] يُطِيعُونَهُ وَيَدْخُلُونَ فِي وِلَايَتِهِ، {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: ١٠٠] أَيْ: بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ. وَقِيلَ: الْكِنَايَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الشَّيْطَانِ، وَمَجَازُهُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَجْلِهِ مُشْرِكُونَ بِاللَّهِ.

[١٠١] {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: ١٠١] يَعْنِي وَإِذَا نَسَخْنَا حُكْمَ آيَةٍ فَأَبْدَلْنَا مَكَانَهُ حُكْمًا آخَرَ، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: ١٠١] أَعْلَمُ بِمَا هُوَ أَصْلَحُ لِخَلِقِهِ فِيمَا يُغَيِّرُ وَيُبَدِّلُ مِنْ أَحْكَامِهِ، {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ} [النحل: ١٠١] يا محمد، {مُفْتَرٍ} [النحل: ١٠١] مُخْتَلِقٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَسْخَرُ بِأَصْحَابِهِ يَأْمُرُهُمُ الْيَوْمَ بِأَمْرٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ غَدًا مَا هُوَ إِلَّا مُفْتَرٍ يَتَقَوَّلُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، قَالَ اللَّهُ: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: ١٠١] حقيقة القرآن، وبيان الناسخ والمنسوخ.

[١٠٢] {قُلْ نَزَّلَهُ} [النحل: ١٠٢] يعني القرآن، {رُوحُ الْقُدُسِ} [النحل: ١٠٢] جبريل، {مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢] بالصدق، {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} [النحل: ١٠٢] أَيْ: لِيُثَبِّتَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا وَيَقِينًا، {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: ١٠٢]

[قوله تعالى وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ] بَشَرٌ. . . .

[١٠٣] {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: ١٠٣] آدَمِيٌّ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَشَرِ، قال ابن عباس: اسْمُهُ بَلْعَامُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا أَعْجَمِيَّ اللِّسَانِ، «فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرَوْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَلْعَامُ» (١) . وَقَالَ عِكْرِمَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُ غُلَامًا لِبَنِي الْمُغِيرَةِ يُقَالُ لَهُ يَعِيشُ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بشر، يَعِيشُ» . وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ إنما يتعلم من عايش


(١) أخرجه ابن جرير ١٤ / ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>