للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٩] {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} [التغابن: ٩] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجْمَعُ فِيهِ أَهَّلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التَّغَابُنِ: ٩] وَهُوَ تَفَاعُلٌ مِنَ الْغَبْنِ وهو فوت الحظ والمراد، فالمغبون مَنْ غُبِنَ عَنْ أَهْلِهِ وَمَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ فَيَظْهَرُ يَوْمَئِذٍ غَبْنُ كُلِّ كَافِرٍ بِتَرْكِهِ الْإِيمَانَ، وَغَبْنُ كُلِّ مُؤْمِنٍ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْإِحْسَانِ، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التغابن: ٩]

[قوله تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ] أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. . .

[١٠] {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التغابن: ١٠]

[١١] {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [التغابن: ١١] بِإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} [التغابن: ١١] فَيُصَدِّقْ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] يُوَفِّقُهُ لِلْيَقِينِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ فَيُسَلِّمَ لِقَضَائِهِ، {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: ١١]

[١٢] {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [التغابن: ١٢]

[١٣] {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التغابن: ١٣]

[١٤] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: ١٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.

هَؤُلَاءِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا وَأَرَادُوا أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنَعَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ، وَقَالُوا صَبَرْنَا عَلَى إِسْلَامِكُمْ فَلَا نَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكُمْ فَأَطَاعُوهُمْ، وَتَرَكُوا الْهِجْرَةَ، فَقَالَ تَعَالَى: {فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: ١٤] أن تطيعوهم وتدعو الْهِجْرَةَ، {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: ١٤] هَذَا فِيمَنْ أَقَامَ عَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَإِذَا هَاجَرَ رأى الذين سبقوه بالهجرة وقد فَقِهُوا فِي الدِّينِ هَمَّ أَنْ يعاقب زوجته وولده الذين ثبطوه عَنِ الْهِجْرَةِ، وَإِنْ لَحِقُوا بِهِ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُصِبْهُمْ بِخَيْرٍ، فَأَمَرَهُمُ الله عز وجل بالعفو عنهم والصفح.

[١٥] {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥] بَلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ وَشُغْلٌ عَنِ الْآخِرَةِ، يَقَعُ بِسَبَبِهَا الْإِنْسَانُ فِي الْعَظَائِمِ وَمَنْعِ الْحَقِّ وَتَنَاوُلِ الْحَرَامِ، {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: ١٥] قَالَ بَعْضُهُمْ.

لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْعَدَاوَةَ أَدْخَلَ فِيهِ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، فَقَالَ.

{إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: ١٤] لِأَنَّ كُلَّهُمْ لَيْسُوا بِأَعْدَاءٍ، وَلَمْ يذكر "من" في قول: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥] لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الْفِتْنَةِ واشتغال القلب.

[١٦] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التَّغَابُنِ: ١٦] أي أَطَقْتُمْ، هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢] {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: ١٦] اللَّهَ وَرَسُولَهُ، {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} [التغابن: ١٦] أي أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [التغابن: ١٦] حَتَّى يُعْطِيَ حَقَّ اللَّهِ مِنْ ماله {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن: ١٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>