للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّافِلُونَ هُمُ الضُّعَفَاءُ وَالزَّمْنَى وَالْأَطْفَالُ، فالشيخ الكبير مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا، وَأَسْفَلَ سَافِلِينَ نكرة تعم الجنس وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ (أَسْفَلَ السَّافِلِينَ) . وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: يَعْنِي ثُمَّ رَدَدْنَاهُ إِلَى النَّارِ، يَعْنِي إِلَى أَسْفَلِ السَّافِلِينَ، لِأَنَّ جَهَنَّمَ بَعْضُهَا أَسْفَلَ مِنْ بَعْضٍ.

[٦] ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [التين: ٦] فَإِنَّهُمْ لَا يُرَدُّونَ إِلَى النَّارِ. وَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، فَزَالَتْ عُقُولُهُمْ وَانْقَطَعَتْ أَعْمَالُهُمْ، فَلَا يُكْتَبُ لَهُمْ حَسَنَةٌ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا. {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [التين: ٦] فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُمْ بَعْدَ الْهَرَمِ، وَالْخَرَفِ، مِثْلَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ في حال الشباب والصحة {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: ٦] غَيْرُ مَقْطُوعٍ لِأَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ. قَالَ الضَّحَّاكُ: أَجْرٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ ثُمَّ قَالَ: إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ.

[٧] {فَمَا يُكَذِّبُكَ} [التين: ٧] أيها الإنسان {بَعْدُ} [التين: ٧] أَيْ بَعْدَ هَذِهِ الْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، {بِالدِّينِ} [التين: ٧] بِالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْمَعْنَى، أَلَا تَتَفَكَّرُ فِي صُورَتِكَ وَشَبَابِكَ وَهَرَمِكَ فَتَعْتَبِرُ وَتَقُولُ إِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَبْعَثَنِي وَيُحَاسِبَنِي، فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِالْمُجَازَاةِ بَعْدَ هَذِهِ الْحُجَجِ.

[٨] {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨] بأقضى القاضين، قال مقاتل: يَحْكُمُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَهْلِ التَّكْذِيبِ يا محمد.

[سورة العلق]

[قوله تعالى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. . .]

(٩٦) سورة العلق [١] {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ خَمْسُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥] وَالْمَعْنَى: اذْكُرِ اسْمَهُ، أُمِرَ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقِرَاءَةَ بِاسْمِ اللَّهِ تَأْدِيبًا، {الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْخَلَائِقَ ثُمَّ فسره فقال:

[٢] {خَلَقَ - خَلَقَ} [العلق: ١ - ٢] يعني ابن آدم، {مِنْ عَلَقٍ} [العلق: ٢] جمع علقة.

[٣] {اقْرَأْ} [العلق: ٣] كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: ٣] فَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْحَلِيمُ عَنْ جَهْلِ الْعِبَادِ لَا يَعْجَلُ عَلَيْهِمْ بِالْعُقُوبَةِ.

[٤] {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: ٤] يَعْنِي الْخَطَّ وَالْكِتَابَةَ.

[٥] {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥] مِنْ أَنْوَاعِ الْهُدَى وَالْبَيَانِ. وَقِيلَ: عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا. وَقِيلَ: الْإِنْسَانُ هَاهُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَيَانُهُ: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النِّسَاءَ: ١١٣]

[٦] {كَلَّا} [العلق: ٦] حقا {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: ٦] لَيَتَجَاوَزُ حَدَّهُ وَيَسْتَكْبِرُ عَلَى رَبِّهِ.

[٧] {أَنْ} [العلق: ٧] لأن، {رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٧] أَنْ رَأَى نَفْسَهُ غَنِيًّا، قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَرْتَفِعُ عَنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ فِي اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>