للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ثِمَارٍ، ثُمَّ تُجْمَعُ الثِّمَارُ على ثمر. {فَقَالَ} [الكهف: ٣٤] يعني صاحب البستان، {لِصَاحِبِهِ} [الكهف: ٣٤] المؤمن، {وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف: ٣٤] يُخَاطِبُهُ وَيُجَاوِبُهُ، {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: ٣٤] أَيْ: عَشِيرَةً وَرَهْطًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: خَدَمًا وَحَشَمًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَلَدًا، تصديقه قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: ٣٩]

[قوله تعالى وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا] أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا. . . . .

[٣٥] {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} [الكهف: ٣٥] يَعْنِي الْكَافِرُ، أَخَذَ بِيَدِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يَطُوفُ بِهِ فِيهَا وَيُرِيهِ أثمارها، {وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [الكهف: ٣٥] بِكَفْرِهِ، {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ} [الكهف: ٣٥] تهلك، {هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف: ٣٥] قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: رَاقَهُ حُسْنُهَا وَغَرَّتْهُ زَهْرَتُهَا فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تَفْنَى أَبَدًا وَأَنْكَرَ الْبَعْثَ.

[٣٦] فَقَالَ: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} [الكهف: ٣٦] كَائِنَةً, {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: ٣٦] قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالشَّامِ هَكَذَا عَلَى التَّثْنِيَةِ، يَعْنِي مِنَ الْجَنَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ مِنْهَا أَيْ: مِنَ الْجَنَّةِ التي دخلها، {مُنْقَلَبًا} [الكهف: ٣٦] أَيْ: مَرْجِعًا إِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} [الكهف: ٣٦] وَهُوَ مُنْكِرُ الْبَعْثِ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي عَلَى مَا تَزْعُمُ أَنْتَ يُعْطِينِي هُنَالِكَ خَيْرًا مِنْهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطِنِي هَذِهِ الْجَنَّةَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِيُعْطِيَنِي فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلَ مِنْهَا.

[٣٧] {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ} [الكهف: ٣٧] الْمُسْلِمُ، {وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ} [الكهف: ٣٧] أَيْ خَلَقَ أَصْلَكَ مِنْ تُرَابٍ، {ثُمَّ} [الكهف: ٣٧] خَلَقَكَ، {مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: ٣٧] أَيْ: عَدَلَكَ بَشَرًا سَوِيًّا ذَكَرًا.

[٣٨] {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: ٣٨] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ لَكِنَّا بِالْأَلِفِ فِي الْوَصْلِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِلَا أَلِفٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى إِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي الْوَقْفِ، وَأَصْلُهُ " لَكِنَّ أَنَا " فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا ثُمَّ أُدْغِمَتْ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى، قَالَ الْكِسَائِيُّ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مَجَازُهُ: لَكِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي {وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف: ٣٨]

[٣٩] {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} [الكهف: ٣٩] أَيْ هَلَّا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ، {قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٣٩] أَيِ: الْأَمْرُ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَقِيلَ: جَوَابُهُ مُضْمَرٌ أَيْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَقَوْلُهُ: {لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: ٣٩] أَيْ لَا أَقْدِرُ عَلَى حِفْظِ مَالِي أَوْ دَفْعِ شَيْءٍ عَنْهُ إلا بالله، وَرُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى مِنْ مَالِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ أَوْ دَخْلَ حَائِطًا مَنْ حِيطَانِهِ. قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: {إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: ٣٩] (أَنَا) عِمَادٌ (١) وَلِذَلِكَ نُصِبَ أَقَلَّ مَعْنَاهُ: إِنْ تَرَنِي أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَتَكَبَّرْتَ وَتَعَظَّمْتَ عَلَيَّ.

[٤٠] {فَعَسَى رَبِّي} [الكهف: ٤٠] فلعل ربي، {أَنْ يُؤْتِيَنِي} [الكهف: ٤٠] يُعْطِيَنِي فِي الْآخِرَةِ، {خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا} [الكهف: ٤٠] أي على جنتك، {حُسْبَانًا} [الكهف: ٤٠] قال قتادة:


(١) وهكذا في طبعة ١٣٤٣ هـ وكذا في طبعة النمر وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>