للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتبن، {وَأَنْفُسُهُمْ} [السجدة: ٢٧] مِنَ الْحُبُوبِ وَالْأَقْوَاتِ، {أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: ٢٧]

[٢٨] {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [السجدة: ٢٨] قِيلَ: أَرَادَ بِيَوْمِ الْفَتْحِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِي فِيهِ الْحُكْمُ بَيْنَ الْعِبَادِ، قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَصْحَابُ النبي لِلْكُفَّارِ: إِنْ لَنَا يَوْمًا نَتَنَعَّمُ فِيهِ وَنَسْتَرِيحُ وَيُحْكَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَقَالُوا اسْتِهْزَاءً: مَتَى هَذَا الْفَتْحُ؟ أَيْ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي فَتْحَ مَكَّةَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُنَا وَمُظْهِرُنَا عَلَيْكُمْ، فَيَقُولُونَ: مَتَى هَذَا الفتح.

[٢٩] {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} [السجدة: ٢٩] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} [السجدة: ٢٩] وَمَنْ حَمَلَ الْفَتْحَ عَلَى فَتْحِ مكة والقتل يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ إِذَا جَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَقُتِلُوا، {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [السجدة: ٢٩] لَا يُمْهَلُونَ لِيَتُوبُوا وَيَعْتَذِرُوا.

[٣٠] {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [السجدة: ٣٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْهَا آيَةُ السيف، {وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} [السجدة: ٣٠] قِيلَ: انْتَظِرْ مَوْعِدِي لَكَ بِالنَّصْرِ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بِكَ حَوَادِثَ الزَّمَانِ. وَقِيلَ: انْتَظِرْ عَذَابَنَا فِيهِمْ فَإِنَّهُمْ منتظرون ذلك.

[سورة الأحزاب]

[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ] وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا. . .

(٣٣) سورة الأحزاب [١] {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١] نَزَلَتْ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي الْأَعْوَرِ وَعَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ السُّلَمِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابن سَلُولٍ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ بَعْدَ قِتَالِ أُحُدٍ، وَقَدْ أَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمَانَ عَلَى أن يكلموه فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ارْفُضْ ذِكْرَ آلِهَتِنَا اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ، وَقُلْ: إِنَّ لَهَا شَفَاعَةٌ لِمَنْ عَبَدَهَا، وَنَدَعُكَ وَرَبَّكَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لَنَا فِي قَتْلِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْأَمَانَ، فَقَالَ عُمَرُ: اخْرُجُوا فِي لَعْنَةِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ١] أَيْ دُمْ عَلَى التَّقْوَى، كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قَائِمٌ: قُمْ هَاهُنَا أَيِ اثْبُتْ قَائِمًا. وَقِيلَ: الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأُمَّةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَعْنَاهُ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَنْقُضِ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكَ وبينهم. {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزاب: ١] مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَعْنِي أَبَا سُفْيَانَ وَعِكْرِمَةَ وَأَبَا الْأَعْوَرِ، {وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: ١] مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ وَطُعْمَةَ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا} [الأحزاب: ١] لخلقه، قبل أن يخلقهم، {حَكِيمًا} [الأحزاب: ١] فِيمَا دَبَّرَهُ لَهُمْ.

[٢] {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الأحزاب: ٢] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو (يَعْمَلُونَ خَبِيرًا) وَ (يَعْمَلُونَ بَصِيرًا) بِالْيَاءِ فِيهِمَا وَقَرَأَ غَيْرُهُ بِالتَّاءِ.

[٣] {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأحزاب: ٣] ثِقْ بِاللَّهِ، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: ٣] حَافِظًا لَكَ، وَقِيلَ: كَفِيلًا بِرِزْقِكَ.

[٤] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤] نَزَلَتْ فِي أَبِي مَعْمَرٍ جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الْفِهْرِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا لَبِيبًا حَافِظًا لِمَا يَسْمَعُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا حَفِظَ أَبُو مَعْمَرٍ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِلَّا وَلَهُ قَلْبَانِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ لِي قَلْبَيْنِ أَعْقِلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلَ من عقل محمد، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمُقَاتِلٌ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُظَاهِرِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَلِلْمُتَبَنِّي وَلَدَ غَيْرِهِ، يَقُولُ: فَكَمَا لَا يَكُونُ لِرَجُلٍ قَلْبَانِ كَذَلِكَ لَا تَكُونُ امْرَأَةُ المظاهر أمه حتى تكون له أُمَّانِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ ابْنَ رَجُلَيْنِ. {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} [الأحزاب: ٤] صورة الظِّهَارِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا جَعَلَ نِسَاءَكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>