[١٢٢] {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ١٢٢]
[١٢٣] {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: ١٢٣]
[١٢٤] {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: ١٢٤] وهو إبراهيم بن تارخ هو آزر بن ناخور، وَمَعْنَى الِابْتِلَاءِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ وَالْأَمْرُ، وَابْتِلَاءُ اللَّهِ الْعِبَادَ لَيْسَ لِيَعْلَمَ أَحْوَالَهُمْ بِالِابْتِلَاءِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِهِمْ، وَلَكِنْ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ أَحْوَالَهُمْ حَتَّى يَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَى اللَّهُ بِهَا إبراهيم (فَأَتَمَّهُنَّ) قَالَ قَتَادَةُ: أَدَّاهُنَّ، قَالَ الضحاك: قام بهن، وقال يمان: عَمِلَ بِهِنَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٤] يُقْتَدَى بِكَ فِي الْخَيْرِ، {قَالَ} [البقرة: ١٢٤] إبراهيم: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: ١٢٤] ومن أولادي أيضًا فاجعل أئمة يقتدى بهم، {قَالَ} [البقرة: ١٢٤] الله تعالى: {لَا يَنَالُ} [البقرة: ١٢٤] لا يصيب {عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٢٤] أَيْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا لَا يُصِيبُهُ، قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: عَهْدِي رَحْمَتِي، وَقَالَ السُّدِّيُّ: نُبُوَّتِي، وَقِيلَ: الْإِمَامَةُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْسَ لِظَالِمٍ أَنْ يُطَاعَ فِي ظُلْمِهِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَنَالُ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْإِمَامَةِ مَنْ كَانَ ظَالِمًا مِنْ وَلَدِكَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعَهْدِ الْأَمَانَ مِنَ النَّارِ، وَبِالظَّالِمِ الْمُشْرِكَ.
[١٢٥] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ} [البقرة: ١٢٥] يعني: الكعبة، {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: ١٢٥] مَرْجِعًا لَهُمْ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بن جبير: يثوبون إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَيَحُجُّونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَعَاذًا وَمَلْجَأً، وَقَالَ قَتَادَةُ وعكرمة: مجمعا، {وَأَمْنًا} [البقرة: ١٢٥] أَيْ: مَأْمَنًا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَيَقُولُونَ هُمْ أَهْلُ اللَّهِ، وَيَتَعَرَّضُونَ لِمَنْ حَوْلَهُ {وَاتَّخِذُوا} [البقرة: ١٢٥] قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ، {مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] قال يَمَانٍ: الْمَسْجِدُ كُلُّهُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْحَرَمُ كُلُّهُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعَ مُشَاهِدِ الْحَجِّ مِثْلَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَسَائِرِ الْمَشَاهِدِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي إِلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَذَلِكَ الْحَجَرُ الَّذِي قَامَ عليه إبراهيم عند بناء البيت.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: ١٢٥] أي: أمرناهما وأوصينا إليهما {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: ١٢٥] يَعْنِي: الْكَعْبَةَ أَضَافَهُ إِلَيْهِ تَخْصِيصًا وَتَفْضِيلًا، أَيِ: ابْنِيَاهُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: طَهِّرَاهُ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالرِّيَبِ وقول الزور {لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: ١٢٥] الدائرين حوله، {وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: ١٢٥] المقيمين المجاورين، {وَالرُّكَّعِ} [البقرة: ١٢٥] جمع راكع، {السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥] سَاجِدٍ، وَهُمُ الْمُصَلُّونَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ ومقاتل: الطائفين هم الغرباء والعاكفين أهل مكة.
[قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا] آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ. . . .
[١٢٦] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا} [البقرة: ١٢٦] يَعْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute