لِلْمُؤْمِنِينَ. قَالَ الْحَسَنُ: دَوَاءُ إِصَابَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَقْرَأَ الْإِنْسَانُ هَذِهِ الآية.
[سورة الحاقة]
[قوله تعالى الحاقة ما الحاقة. . .]
(٦٩) سورة الحاقة [١] {الْحَاقَّةُ} [الْحَاقَّةُ: ١] يَعْنِي الْقِيَامَةَ سُمِّيَتْ حَاقَّةً لِأَنَّهَا حَقَّتْ فَلَا كَاذِبَةَ لَهَا. وَقِيلَ: لِأَنَّ فِيهَا حَوَاقُّ الْأُمُورِ وَحَقَائِقُهَا، وَلِأَنَّ فِيهَا يَحِقُّ الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ، أَيْ يَجِبُ، يُقَالُ: حَقَّ عَلَيْهِ الشَّيْءُ إِذَا وَجَبَ يحق حقوقا.
[٢] {مَا الْحَاقَّةُ} [الْحَاقَّةُ: ٢] هَذَا اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّفْخِيمُ لِشَأْنِهَا، كَمَا يُقَالُ: زَيْدٌ مَا زَيدٌ، عَلَى التَّعْظِيمِ لِشَأْنِهِ.
[٣] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الْحَاقَّةُ: ٣] أَيْ أَنَّكَ لَا تَعْلَمُهَا إِذْ لَمْ تُعَايِنْهَا وَلَمْ تَرَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَهْوَالِ.
[٤] {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} [الحاقة: ٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: بِالْقِيَامَةِ، سُمِّيَتْ قَارِعَةً لِأَنَّهَا تَقْرَعُ قُلُوبَ الْعِبَادِ بِالْمَخَافَةِ. وَقِيلَ: كَذَّبَتْ بِالْعَذَابِ الَّذِي أَوْعَدَهُمْ نَبِيُّهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فَقَرَعَ قُلُوبَهُمْ.
[٥] {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: ٥] أَيْ بِطُغْيَانِهِمْ وَكُفْرِهِمْ. قِيلَ: هِيَ مصدر، وقيل: نعت، أي بأفعالهم الطَّاغِيَةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ، كَمَا قَالَ: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشَّمْسِ: ١١] وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالصَّيْحَةِ الطَّاغِيَةِ، وَهِيَ الَّتِي جَاوَزَتْ مَقَادِيرَ الصِّيَاحِ فأهلكتهم.
[٦] {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: ٦] عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فَلَمْ تُطِعْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، وَجَاوَزَتِ الْمِقْدَارَ فَلَمْ يَعْرِفُوا كَمْ خرج منها.
[٧] {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ} [الحاقة: ٧] أَرْسَلَهَا عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: سَلَّطَهَا عَلَيْهِمْ. {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: ٧] قَالَ وَهْبٌ: هِيَ الْأَيْامُ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ أَيْامَ الْعَجُوزِ ذَاتُ بَرْدٍ وَرِيَاحٍ شَدِيدَةٍ. قِيلَ: سُمِّيَتْ عجوزا لأنها عَجُزِ الشِّتَاءِ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَجُوزًا مِنْ قَوْمِ عَادٍ دَخَلَتْ سِرْبًا فَتَبِعَتْهَا الرِّيحُ، فَقَتَلَتْهَا الْيَوْمَ الثَّامِنَ مِنْ نزولِ الْعَذَابِ وانقطع العذاب.
{حُسُومًا} [الحاقة: ٧] قَالَ مُجَاهِدُ وَقَتَادَةُ: مُتَتَابِعَةً لَيْسَ فيها فترة، فعلى هذا هو حَسْمِ الْكَيِّ، وَهُوَ أَنْ يُتَابَعَ على موضع الداء بالمكوة حَتَّى يَبْرَأَ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ شَيْءٍ تُوبِعَ: حَاسِمٌ، وَجَمْعُهُ حُسُومٌ، مِثْلَ شَاهِدٍ وَشُهُودٌ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: حُسُومًا دَائِمَةً. وَقَالَ النَّضِرُ بْنُ شُمَيْلٍ: حَسَمَتْهُمْ قَطَعَتْهُمْ وَأَهْلَكَتْهُمْ، وَالْحَسْمُ: الْقَطْعُ وَالْمَنْعُ وَمِنْهُ حَسْمُ الداء. قال الزجاج: أي تَحْسِمُهُمْ حُسُومًا تُفْنِيهِمْ وَتُذْهِبْهُمْ. وَقَالَ عطية: شؤما كَأَنَّهَا حَسَمَتِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهَا.
{فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا} [الحاقة: ٧] أَيْ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَالْأَيْامِ، {صَرْعَى} [الحاقة: ٧] هَلْكَى جَمْعُ صَرِيعٍ، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: ٧] سَاقِطَةٍ، وَقِيلَ: خَالِيَةِ الْأَجْوَافِ.
[٨] {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: ٨] أَيْ مِنْ نَفْسٍ بَاقِيَةٍ يَعْنِي لم يبق منهم أحد.
[قوله تعالى وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ] بِالْخَاطِئَةِ. . .
[٩] {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ} [الحاقة: ٩] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَالْكِسَائِيُّ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ جُنُودِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. أَيْ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأُمَمِ الكافرة، {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} [الحاقة: ٩] يعني أَيْ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ يُرِيدُ أَهَّلَ الْمُؤْتَفِكَاتِ. وَقِيلَ: يُرِيدُ الْأُمَمَ الذين ائتفكوا بخطيئتهم، {بِالْخَاطِئَةِ} [الحاقة: ٩] أَيْ بِالْخَطِيئَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَهِيَ الشِّرْكُ.
[١٠] {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ} [الحاقة: ١٠] يَعْنِي لُوطًا وَمُوسَى، {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحاقة: ١٠] نَامِيَةً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: شَدِيدَةً. وَقِيلَ: زَائِدَةً عَلَى عَذَابِ الْأُمَمِ.
[١١] {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} [الحاقة: ١١] أَيْ عَتَا وَجَاوَزَ حَدَّهُ حَتَّى عَلَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَارْتَفَعَ فَوْقَهُ يَعْنِي زَمَنَ نُوحٍ عَلَيْهِ السلام، {حَمَلْنَاكُمْ} [الحاقة: ١١] أَيْ حَمَلْنَا آبَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ