قَالَ الْسُّدِّيُّ: يَعْنِي الزِّنَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: مَا يُوجِبُ الْحَدَّ. {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: ٣٧] يَحْلُمُونَ وَيَكْظِمُونَ الْغَيْظَ وَيَتَجَاوَزُونَ.
[٣٨] {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ} [الشورى: ٣٨] أَجَابُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ، {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] يَتَشَاوَرُونَ فِيمَا يَبْدُو لَهُمْ وَلَا يعجلون {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: ٣٨]
[٣٩] {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} [الشورى: ٣٩] الظلم والعدوان، {هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: ٣٩] يَنْتَقِمُونَ مِنْ ظَالِمِيهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَدُوا. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: جَعَلَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ صِنْفَيْنِ: صِنْفٌ يَعْفُونَ عَنْ ظَالِمِيهِمْ فَبَدَأَ بِذِكْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: ٣٧] وَصِنْفٌ يَنْتَصِرُونَ مِنْ ظَالِمِيهِمْ وَهُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَذِلُّوا فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا. قَالَ عَطَاءٌ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمُ الْكُفَّارُ مِنْ مكة وبغوا عليهم مَكَّنَهُمُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى انتصروا ممن ظلمهم، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ الِانْتِصَارَ فَقَالَ:
[٤٠] {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشُّورَى: ٤٠] سَمَّى الْجَزَاءَ سَيِّئَةً وَإِنْ لَمْ يكن سَيِّئَةً لِتَشَابُهِهِمَا فِي الصُّورَةِ. قَالَ مقاتل: يعني القصاصات فِي الْجِرَاحَاتِ وَالدِّمَاءِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيٌّ: هُوَ جَوَابُ الْقَبِيحِ إِذَا قال له أحد أخزاك الله يقول أَخْزَاكَ اللَّهُ، وَإِذَا شَتَمَكَ فَاشْتُمْهُ بِمِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْتَدِيَ. وقال هشام بن حجيرة: الْجَارِحُ إِذَا جَرَحَ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ أَنْ يَشْتُمَكَ فَتَشْتُمَهُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْعَفْوَ فَقَالَ: {فَمَنْ عَفَا} [الشورى: ٤٠] ظلمه، {وَأَصْلَحَ} [الشورى: ٤٠] بِالْعَفْوِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ظَالِمِهِ، {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠] قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفَا، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ. {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ يَبْدَءُونَ بِالظُّلْمِ.
[٤١] {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشورى: ٤١] أَيْ بَعْدَ ظُلْمِ الظَّالِمِ إِيَّاهُ، {فَأُولَئِكَ} [الشورى: ٤١] يَعْنِي الْمُنْتَصِرِينَ، {مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١] بِعُقُوبَةٍ وَمُؤَاخَذَةٍ.
[٤٢] {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: ٤٢] يَبْدَءُونَ بِالظُّلْمِ، {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: ٤٢] يَعْمَلُونَ فِيهَا بِالْمَعَاصِي، {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: ٤٢]
[٤٣] {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} [الشورى: ٤٣] فلم ينتصر، {إِنَّ ذَلِكَ} [الشورى: ٤٣] الصَّبْرَ وَالتَّجَاوُزَ، {لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] حَقِّهَا وَجَزْمِهَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الصَّابِرُ يُؤْتَى بِصَبْرِهِ الثَّوَابَ، فَالرَّغْبَةُ فِي الثَّوَابِ أَتَمُّ عَزْمًا.
[٤٤] {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} [الشورى: ٤٤] فماله مِنْ أَحَدٍ يَلِي هِدَايَتَهُ بَعْدَ إضلال الله إياه أو يمنعه مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} [الشورى: ٤٤] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤٤] يسألون الرجعة في الدنيا.
[قوله تعالى وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ] يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ. . .
[٤٥] {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} [الشورى: ٤٥] أي على النار،