للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْمِلَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ، وَقِيلَ: سَأَلُوهُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الْخِفَافِ الْمَرْفُوعَةِ والنعال المخصوفة، ليغزوا معه، فأجابهم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} [التوبة: ٩٢] وَهُمْ يَبْكُونَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: ٩٢]

[٩٣] {إِنَّمَا السَّبِيلُ} [التوبة: ٩٣] بالعقوبة، {عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} [التوبة: ٩٣] فِي التَّخَلُّفِ {وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التوبة: ٩٣] مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: ٩٣]

[قوله تعالى يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ] قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ. . . .

[٩٤] {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: ٩٤] يُرْوَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ كَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ نَفَرًا، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءُوا يَعْتَذِرُونَ بِالْبَاطِلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ} [التوبة: ٩٤] لَنْ نُصَدِّقَكُمْ، {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: ٩٤] فِيمَا سَلَفَ، {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٩٤] فِي الْمُسْتَأْنَفِ، أَتَتُوبُونَ مِنْ نِفَاقِكُمْ، أَمْ تُقِيمُونَ عَلَيْهِ؟ {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: ٩٤]

[٩٥] {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: ٩٥] إِذَا انْصَرَفْتُمْ إِلَيْهِمْ مِنْ غَزْوِكُمْ، {لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ} [التوبة: ٩٥] لِتَصْفَحُوا عَنْهُمْ وَلَا تُؤَنِّبُوهُمْ، {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ} [التوبة: ٩٥] فَدَعَوْهُمْ، وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ النفاق، {إِنَّهُمْ رِجْسٌ} [التوبة: ٩٥] نَجِسٌ أَيْ: إِنَّ عَمَلَهُمْ قَبِيحٌ، {وَمَأْوَاهُمْ} [التوبة: ٩٥] فِي الْآخِرَةِ، {جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: ٩٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «نَزَلَتْ فِي جَدِّ بْنِ قَيْسٍ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ وَأَصْحَابِهِمَا، وَكَانُوا ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ: "لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُكَلِّمُوهُمْ» وَقَالَ مُقَاتِلٌ: «نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ حَلَفَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ بَعْدَهَا، وَطَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْضَى عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ:

[٩٦] {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٦] »

[٩٧] {الْأَعْرَابُ} [التوبة: ٩٧] أَيْ: أَهْلُ الْبَدْوِ، {أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [التوبة: ٩٧] من أهل الحضر، {وَأَجْدَرُ} [التوبة: ٩٧] أي: أَخْلَقُ وَأَحْرَى، {أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] وَذَلِكَ لِبُعْدِهِمْ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ ومعرفة السنن، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} [التوبة: ٩٧] بِمَا فِي قُلُوبِ خَلْقِهِ، {حَكِيمٌ} [التوبة: ٩٧] فِيمَا فَرَضَ مِنْ فَرَائِضِهِ.

[٩٨] {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} [التوبة: ٩٨] قال عطاء: لا يرجون على إعطائه ثوابًا ولا يخافون عَلَى إِمْسَاكِهِ عِقَابًا إِنَّمَا يُنْفِقُ خوفًا ورياء، وَالْمَغْرَمُ الْتِزَامُ مَا لَا يُلْزَمُ {وَيَتَرَبَّصُ} [التوبة: ٩٨] وينتظر، {بِكُمُ الدَّوَائِرَ} [التوبة: ٩٨] يَعْنِي: صُرُوفَ الزَّمَانِ الَّتِي تَأْتِي مَرَّةً بِالْخَيْرِ وَمَرَّةً بِالشَّرِّ، وَقَالَ يمان بن رباب: يَعْنِي يَنْقَلِبُ الزَّمَانُ عَلَيْكُمْ فَيَمُوتُ الرَّسُولُ وَيَظْهَرُ الْمُشْرِكُونَ، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: ٩٨] عَلَيْهِمْ يَدُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>