للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَرَى بَعْضُهُمْ قَفَا بَعْضٍ.

[٤٥] {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ} [الصافات: ٤٥] إِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ وَلَا يَكُونُ كَأْسًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ شَرَابٌ، وَإِلَّا فَهُوَ إِنَاءٌ، {مِنْ مَعِينٍ} [الصافات: ٤٥] خَمْرٍ جَارِيَةٍ فِي الْأَنْهَارِ ظَاهِرَةٍ تراها العيون.

[٤٦] {بَيْضَاءَ} [الصافات: ٤٦] قَالَ الْحَسَنُ: خَمْرُ الْجَنَّةِ أَشَدُّ بياضا من اللبن، {لَذَّةٍ} [الصافات: ٤٦] أي لذيذة، {لِلشَّارِبِينَ} [الصافات: ٤٦]

[٤٧] {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: ٤٧] قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا تَغْتَالُ عُقُولَهُمْ فَتَذْهَبَ بِهَا. قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِثْمٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: وَجِعُ الْبَطْنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: صُدَاعٌ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: الْغَوْلُ فَسَادٌ يَلْحَقُ فِي خَفَاءٍ، يُقَالُ: اغْتَالَهُ اغْتِيَالًا إِذَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ فِي خُفْيَةٍ، وَخَمْرَةُ الدُّنْيَا يَحْصُلُ مِنْهَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْفَسَادِ، مِنْهَا السُّكْرُ وَذَهَابُ الْعَقْلِ وَوَجَعُ الْبَطْنِ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، وَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي خَمْرِ الْجَنَّةِ. {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: ٤٧] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (يُنْزِفُونَ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَافَقَهُمَا عَاصِمٌ فِي الْوَاقِعَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الزَّايِ فِيهِمَا فَمَنْ فَتَحَ الزَّايَ فَمَعْنَاهُ: لَا يَغْلِبُهُمْ عَلَى عُقُولِهِمْ وَلَا يَسْكَرُونَ، يُقَالُ: نَزَفَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنْزُوفٌ وَنَزِيفٌ إِذَا سَكِرَ، وَمَنْ كَسَرَ الزاي فمعناه: لا ينزف شَرَابُهُمْ، يُقَالُ أَنْزَفَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنْزُوفٌ إِذَا فَنِيَتْ خَمْرُهُ.

[٤٨] {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الصافات: ٤٨] حَابِسَاتُ الْأَعْيُنِ غَاضَّاتُ الْجُفُونِ، قَصَرْنَ أَعْيُنَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يَنْظُرْنَ إلى غيرهم، {عِينٌ} [الصافات: ٤٨] أَيْ حَسَّانُ الْأَعْيُنِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَعْيَنُ وَامْرَأَةٌ عَيْنَاءُ وَنِسَاءٌ عِينٌ.

[٤٩] {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ} [الصافات: ٤٩] جمع البيضة، {مَكْنُونٌ} [الصافات: ٤٩] مضمون مَسْتُورٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَكْنُونَ وَالْبَيْضَ جمع لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى اللَّفْظِ. قَالَ الْحَسَنُ: شَبَّهَهُنَّ بِبَيْضِ النَّعَامَةِ تُكِنُّهَا بالريش من الريح والغبار حين خروجها، فَلَوْنُهَا أَبْيَضُ فِي صُفْرَةٍ. وَيُقَالُ: هَذَا أَحْسَنُ أَلْوَانِ النِّسَاءِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ (بَيْضَاءَ) مُشْرَبَةً صُفْرَةً، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُهَا بِبَيْضَةِ النَّعَامَةِ.

[٥٠] {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصَّافَّاتِ: ٥٠] يَعْنِي أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا.

[٥١] {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ} [الصافات: ٥١] يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصافات: ٥١] فِي الدُّنْيَا يُنْكِرُ الْبَعْثَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ شَيْطَانًا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: كَانَ مِنَ الْإِنْسِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَا أَخَوَيْنِ. وَقَالَ الْبَاقُونَ: كَانَا شَرِيكَيْنِ أَحَدُهُمَا كَافِرٌ اسْمُهُ قَطْرُوسُ وَالْآخَرُ مُؤْمِنٌ اسْمُهُ يَهُوذَا، وَهُمَا اللَّذَانِ قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى خَبَرَهُمَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [الكهف: ٣٢]

[قوله تعالى يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذَا مِتْنَا] وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ. . .

[٥٢] {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} [الصافات: ٥٢] بِالْبَعْثِ.

[٥٣] {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: ٥٣] مَجْزِيُّونَ وَمُحَاسَبُونَ وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>