[٢٥] {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: ٢٥] قَالَ ابْنُ السَّائِبِ: تُلْوَى يَدُهُ اليسرى خَلْفَ ظَهْرِهِ ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَهُ. وَقِيلَ: تُنْزَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى مِنْ صَدْرِهِ إِلَى خَلْفِ ظَهْرِهِ ثُمَّ يعطى كتابه. {فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٥] يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ كِتَابَهُ لِمَا يَرَى فِيهِ مِنْ قَبَائِحِ أعماله.
[٢٦ - ٢٧] {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ - يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة: ٢٦ - ٢٧] يَقُولُ: يَا لَيْتَ الْمَوْتَةَ الَّتِي مُتُّهَا فِي الدُّنْيَا كَانَتِ الْقَاضِيَةُ مِنْ كُلِّ مَا بَعْدَهَا، وَالْقَاطِعَةُ للحياة، فلم أحي بعدها. والقاضية موت لا حياة بعدها، يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ لِلْحِسَابِ. قال قتادة: يتمنى الموت وإن لم يَكُنْ عِنْدَهُ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ أَكْرَهَ مِنَ الْمَوْتِ.
[٢٨] {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: ٢٨] لَمْ يَدْفَعْ عَنِّي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا.
[٢٩] {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: ٢٩] ضَلَّتْ عَنِّي حُجَّتِي، عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: زَالَ عَنِّي مِلْكِي وَقُوَّتِي. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي حِينَ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْجَوَارِحُ بِالشِّرْكِ. يَقُولُ اللَّهُ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ:
[٣٠] {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: ٣٠] اجْمَعُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ.
[٣١] {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: ٣١] أَيْ أَدْخِلُوهُ الْجَحِيمَ.
[٣٢] {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: ٣٢] فَأَدْخِلُوهُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سبعون ذراعا بذراع الملك، فيدخل في دبره ويخرج من منخره. وقيل: يدخل في فيه ويخرج من دبره.
[٣٣ - ٣٤] {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ - وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: ٣٣ - ٣٤] لَا يُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فِي الدُّنْيَا ولا يأمر أهله بذلك.
[قوله تعالى فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلَا طَعَامٌ] إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ. . .
[٣٥] {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ} [الحاقة: ٣٥] قَرِيبٌ يَنْفَعُهُ وَيَشْفَعُ لَهُ.
[٣٦] {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: ٣٦] وَهُوَ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَسْلِ كَأَنَّهُ غُسَالَةُ جُرُوحِهِمْ وَقُرُوحِهِمْ. قَالَ الضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ: هُوَ شَجَرٌ يَأْكُلُهُ أَهْلُ النَّارِ.
[٣٧] {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} [الحاقة: ٣٧] أي الكافرون. ٣٨,
[٣٩] {فَلَا أُقْسِمُ} [الحاقة: ٣٨] (لَا) رَدٌّ لِكَلَامِ الْمُشْرِكِينَ كَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ كَمَا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ أُقْسِمُ، {بِمَا تُبْصِرُونَ - وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} [الحاقة: ٣٨ - ٣٩] أَيْ بِمَا تَرَوْنَ وَبِمَا لَا تَرَوْنَ. قَالَ قَتَادَةُ: أَقْسَمَ بِالْأَشْيَاءِ كلها فيدخل فيه جميع المكونات وَالْمَوْجُودَاتِ. وَقَالَ: أَقْسَمَ بِالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقِيلَ: مَا تُبْصِرُونَ مَا عَلَى وجه الأرض وما لَا تُبْصِرُونَ مَا فِي بَطْنِهَا. وقيل: ما تُبْصِرُونَ مِنَ الْأَرْوَاحِ. وَقِيلَ: مَا تبصرون: الإنس وما لَا تُبْصِرُونَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ. وَقِيلَ: النِّعَمُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ. وَقِيلَ: مَا تُبْصِرُونَ: مَا أَظْهَرَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ واللوح والقلم، وما لَا تُبْصِرُونَ مَا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهِ فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَدًا.
[٤٠] {إِنَّهُ} [الحاقة: ٤٠] يَعْنِي الْقُرْآنَ، {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: ٤٠] أَيْ تِلَاوَةُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يَعْنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ٤١,
[٤٢] {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ - وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: ٤١ - ٤٢] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ (يُؤْمِنُونَ، وَيَذْكُرُونَ) بِالْيَاءِ فِيهِمَا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالتَّاءِ، وَأَرَادَ بِالْقَلِيلِ نَفْيَ إِيمَانِهِمْ أَصْلًا كَقَوْلِكَ لِمَنْ لا يزور: قَلَّمَا تَأْتِينَا، وَأَنْتَ تُرِيدُ لَا تَأْتِينَا أَصْلًا. ٤٣,
[٤٤] {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ - وَلَوْ تَقَوَّلَ} [الحاقة: ٤٣ - ٤٤] تخرص واختلق، {عَلَيْنَا} [الحاقة: ٤٤] محمد، {بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} [الحاقة: ٤٤] وَأَتَى بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.
[٤٥] {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: ٤٥] قِيلَ (مِنْ) صِلَةٌ، مَجَازُهُ: لَأَخَذْنَاهُ وَانْتَقَمْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَيْ بِالْحَقِّ، كَقَوْلِهِ: (كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ) ، أَيْ مِنْ قِبَلِ الْحَقِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَخَذْنَاهُ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَأَخَذْنَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَهُوَ مِثْلُ مَعْنَاهُ. لَأَذْلَلْنَاهُ، وَأَهَنَّاهُ كَالسُّلْطَانِ، إِذَا أَرَادَ الِاسْتِخْفَافَ بِبَعْضِ من بين يديه، يَقُولُ لِبَعْضِ أَعْوَانِهِ: خُذْ بِيَدِهِ فَأَقِمْهُ.
[٤٦] {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: ٤٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ