للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَتَعَاوَنَا عَلَى أَذَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِتَخْفِيفِ الظَّاءِ، وَالْآخَرُونَ بِتَشْدِيدِهَا، {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} [التحريم: ٤] أي وليه وناصره.

قوله: {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: ٤] رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي بْنِ كَعْبٍ: (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وقال الْكَلْبِيُّ: هُمُ الْمُخْلِصُونَ الَّذِي لَيْسُوا بمنافقين.

قوله: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤] أَيْ: أَعْوَانٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي يُؤَدِّي عَنِ الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِ {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النَّسِاءِ: ٦٩]

[٥] {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: ٥] أَيْ وَاجِبٌ مِنَ اللَّهِ إِنْ طَلَّقَكُنَّ رَسُولُهُ، {أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} [التحريم: ٥] خاضعات لله بالطاعة، {مُؤْمِنَاتٍ} [التحريم: ٥] مصدقات بتوحيد الله، {قَانِتَاتٍ} [التحريم: ٥] طَائِعَاتٍ، وَقِيلَ: دَاعِيَاتٍ، وَقِيلَ: مُصَلِّيَاتٍ، {تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: ٥] صَائِمَاتٍ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مهاجرات. وقيل- يسحن معه حيثما ساح، {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: ٥] وَهَذَا فِي الْإِخْبَارِ عَنِ الْقُدْرَةِ لَا عَنِ الْكَوْنِ لِأَنَّهُ قَالَ: {إِنْ طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: ٥] وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهُنَّ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: ٣٨] وهذا إخبار عن القدرة، لا في الوجود أمة هم خَيْرٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[٦] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ} [التحريم: ٦] قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ بِالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَنْهُ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، {وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: ٦] يَعْنِي مُرُوهُمْ بِالْخَيْرِ وَانْهُوهُمْ عَنِ الشَّرِّ، وَعَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ تَقُوهُمْ بِذَلِكَ نَارًا، {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ} [التحريم: ٦] يعني خزنة النار {غِلَاظٌ} [التحريم: ٦] فِظَاظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ {شِدَادٌ} [التحريم: ٦] أَقْوِيَاءُ يَدْفَعُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا فِي النَّارِ وَهُمُ الزَّبَانِيَةُ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ فِيهِمُ الرَّحْمَةَ، {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]

[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ] تَوْبَةً نَصُوحًا. . .

[٧ - ٨] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٧ - ٨] أَيْ تَوْبَةً ذَاتَ نُصْحٍ تَنْصَحُ صَاحِبَهَا بِتَرْكِ الْعَوْدِ إِلَى مَا تاب منه، واختلفوا في معناه قَالَ عُمَرُ وأُبي وَمُعَاذٌ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ، كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ. قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ نَادِمًا عَلَى مَا مَضَى مُجْمِعًا عَلَى أَلَّا يَعُودَ فِيهِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ. قَالَ الْقُرَظِيُّ: يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: الِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ، وَالْإِقْلَاعُ بِالْأَبْدَانِ، وَإِضْمَارُ تَرْكِ الْعَوْدِ بِالْجَنَانِ، وَمُهَاجَرَةُ سَيِّئِ الْإِخْوَانِ.

{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: ٨] أَيْ لَا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِدُخُولِ النَّارِ. {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: ٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>