للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٨٣،

[٨٤] {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا} [غافر: ٨٣] رَضُوا، {بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [غافر: ٨٣] قَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ قَوْلُهُمْ: نَحْنُ أَعْلَمُ لَنْ نُبْعَثَ وَلَنْ نُعَذَّبَ، سَمَّى ذَلِكَ عِلْمًا عَلَى مَا يدعونه وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَهْلٌ. {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ - فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} [غافر: ٨٣ - ٨٤] يَعْنِي تَبَرَّأْنَا مِمَّا كُنَّا نَعْدِلُ بِاللَّهِ.

[٨٥] {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٥] عذابنا، {سُنَّتَ اللَّهِ} [غافر: ٨٥] قال نَصْبُهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ كَسُنَّةِ اللَّهِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقِيلَ: عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيِ احْذَرُوا سُنَّةَ اللَّهِ، {الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [غافر: ٨٥] وَتِلْكَ السُّنَّةُ أَنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ آمَنُوا، وَلَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ. {وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: ٨٥] بذهاب نعيم الدَّارَيْنِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَافِرُ خَاسِرٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ خُسْرَانُهُمْ إِذَا رَأَوُا الْعَذَابَ.

[سورة فصلت]

[قوله تعالى حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ] آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. . .

(٤١) سورة فصلت

[١، ٢] {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: ١ - ٢] قَالَ الْأَخْفَشُ: تَنْزِيلٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

[٣] {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: ٣] بُيِّنَتْ آيَاتُهُ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: ٣] اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ لِسَانِهِمْ مَا عَلِمُوهُ وَنُصِبَ قُرْآنًا بِوُقُوعِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ أَيْ فَصَّلْنَاهُ قرآنا.

[٤] {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [فصلت: ٤] نَعْتَانِ لِلْقُرْآنِ أَيْ بَشِيرًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَنَذِيرًا لِأَعْدَائِهِ، {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [فصلت: ٤] أي لَا يَصْغُونَ إِلَيْهِ تَكَبُّرًا.

[٥] {وَقَالُوا} [فصلت: ٥] يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} [فصلت: ٥] فِي أَغْطِيَةٍ، {مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: ٥] فَلَا نَفْقَهُ مَا تَقُولُ، {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} [فصلت: ٥] صَمَمٌ فَلَا نَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّا فِي تَرْكِ الْقَبُولِ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُ وَلَا يَسْمَعُ، {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: ٥]

خِلَافٌ فِي الدِّينِ وَحَاجِزٌ فِي الْمِلَّةِ فَلَا نُوَافِقُكَ عَلَى مَا تقول، {فَاعْمَلْ} [فصلت: ٥] أَنْتَ عَلَى دِينِكَ، {إِنَّنَا عَامِلُونَ} [فصلت: ٥] عَلَى دِينِنَا.

[٦] {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [فصلت: ٦] يَعْنِي كَوَاحِدٍ مِنْكُمْ وَلَوْلَا الْوَحْيُ مَا دَعَوْتُكُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [فصلت: ٦] قَالَ الْحَسَنُ: عَلَّمَهُ اللَّهُ التَّوَاضُعَ، {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ} [فصلت: ٦] تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَلَا تَمِيلُوا عن سبيله، {وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: ٦] من ذنوبكم، {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: ٦]

[٧] {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: ٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهِيَ زَكَاةُ الْأَنْفُسِ، وَالْمَعْنَى: لَا يُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: لَا يُقِرُّونَ بِالزَّكَاةِ وَلَا يَرَوْنَ إِيتَاءَهَا وَاجِبًا وكان يقول: الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الْإِسْلَامِ فَمَنْ قَطَعَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>