للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٠٦] سورة قريش [١] {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١] عد بَعْضُهُمْ سُورَةَ الْفِيلِ. " وَهَذِهِ السُّورَةَ واحدة لا فصل بينهما وقالوا: اللام في {لِإِيلَافِ} [قريش: ١] تَتَعَلَّقُ بِالسُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - ذَكَّرَ أَهْلَ مَكَّةَ عَظِيمَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا صَنَعَ بِالْحَبَشَةِ، وَقَالَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قُرَيْشٍ: ١] وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى جَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، أَيْ هلك أصحاب الْفِيلِ لِتَبْقَى قُرَيْشٌ، وَمَا أَلِفُوا مِنْ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَلِفُوا ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهُمَا سُورَتَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ الْجَالِبَةِ لِلَّامِ فِي قَوْلِهِ: (لِإِيلَافِ) قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ: هِيَ لَامُ التَّعَجُّبِ، يَقُولُ: اعْجَبُوا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَتَرَكِهِمْ عبادة رب البيت. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ مَرْدُودَةٌ إِلَى مَا بَعْدَهَا تَقْدِيرُهُ: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ لِإِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ هُمْ وَلَدُ النَّضِرِ بْنِ كِنَانَةَ، وَكُلُّ مَنْ وَلَدَهُ النَّضْرُ فَهُوَ قُرَشِيٌّ، وَمَنْ لَمْ يَلِدْهُ النَّضْرُ فَلَيْسَ بِقُرَشِيٍّ.

[٢] قوله - تعالى -: {إِيلَافِهِمْ} [قريش: ٢] بَدَلٌ مِنَ الْإِيلَافِ الْأَوَّلِ، {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: ٢] {رِحْلَةَ} [قريش: ٢] نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيِ ارْتِحَالَهُمْ رحلة الشتاء والصيف، كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ فِي كُلِّ عَامٍ لِلتِّجَارَةِ إِحْدَاهُمَا فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ لِأَنَّهَا أَدْفَأُ، وَالْأُخْرَى فِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ. وَكَانَ الْحَرَمُ وَادِيًا جَدْبًا لَا زَرْعَ فِيهِ وَلَا ضَرْعَ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَعِيشُ بِتِجَارَتِهِمْ وَرِحْلَتِهِمْ، وَكَانَ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أَحَدٌ بِسُوءٍ، كَانُوا يَقُولُونَ: قُرَيْشٌ سُكَّانُ حَرَمِ اللَّهِ وَوُلَاةُ بَيْتِهِ، فَلَوْلَا الرِّحْلَتَانِ لَمْ يكن لهم مقام بمكة وأمرهم الله بِعِبَادَةِ رَبِّ الْبَيْتِ فَقَالَ:

[٣] {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش: ٣] أَيِ الْكَعْبَةِ.

[٤] {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} [قريش: ٤] أَيْ مِنْ بَعْدِ جُوعٍ بِحَمْلِ الْمِيرَةِ إِلَى مَكَّةَ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] بِالْحَرَمِ وَكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حَتَّى لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي رحلتهم.

[سورة الماعون]

[قوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّين فَذَلِكَ الَّذِي] يَدُعُّ الْيَتِيمَ. . .

(١٠٧) سورة الماعون [١] {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} [الماعون: ١] أَيْ بِالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ.

[٢] {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: ٢] يَقْهَرُهُ وَيَدْفَعُهُ عَنْ حَقِّهِ، وَالدَّعُّ: الدَّفْعُ بِالْعُنْفِ وَالْجَفْوَةِ.

[٣] {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: ٣] لَا يَطْعَمُهُ وَلَا يَأْمُرُ بِإِطْعَامِهِ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُ بِالْجَزَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>