[٤٥] قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} [يونس: ٤٥] قَرَأَ حَفْصٌ بِالْيَاءِ وَالْآخَرُونَ بِالنُّونِ، {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ} [يونس: ٤٥] قَالَ الضَّحَّاكُ: كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا قَدْرَ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ، {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: ٤٥] يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حِينَ بُعِثُوا مِنَ الْقُبُورِ كَمَعْرِفَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ تَنْقَطِعُ الْمَعْرِفَةُ إِذَا عَايَنُوا أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ، وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْرِفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ بِجَنْبِهِ وَلَا يُكَلِّمُهُ هَيْبَةً وَخَشْيَةً، {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [يونس: ٤٥] وَالْمُرَادُ مِنَ الْخُسْرَانِ: خُسْرَانُ النَّفْسِ، ولا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ.
[٤٦] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} [يونس: ٤٦] يا محمد فِي حَيَاتِكَ مِنَ الْعَذَابِ، {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} [يونس: ٤٦] قبل تعذيبهم، {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} [يونس: ٤٦] فِي الْآخِرَةِ، {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: ٤٦] فَيَجْزِيهِمْ بِهِ، (ثُمَّ) بِمَعْنَى الْوَاوِ، تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهُ شَهِيدٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ: فَكَانَ الْبَعْضُ الَّذِي أَرَاهُ قَتْلَهُمْ بِبَدْرٍ، وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ.
[٤٧] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ} [يونس: ٤٧] خلت, {رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ} [يونس: ٤٧] وكذبوه، {قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [يونس: ٤٧] أَيْ عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا وَأُهْلِكُوا بِالْعَذَابِ، يَعْنِي قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ، لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُضِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ، {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [يونس: ٤٧] لَا يُعَذَّبُونَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ، وَلَا يُؤَاخَذُونَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ، وَلَا يُزَادُ عَلَى سيئاتهم.
[٤٨] {وَيَقُولُونَ} [يونس: ٤٨] أي: المشركون، {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} [يونس: ٤٨] الَّذِي تَعِدُنَا يَا مُحَمَّدُ مِنَ العذاب، وقيل: قيام الساعة، {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} [يونس: ٤٨] أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ وَأَتْبَاعُكَ.
[٤٩] {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي} [يونس: ٤٩] لَا أَقْدِرُ لَهَا عَلَى شَيْءٍ, {ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [يونس: ٤٩] أَيْ دَفْعَ ضُرٍّ وَلَا جَلْبَ نَفْعٍ, {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [يونس: ٤٩] أَنْ أَمْلِكَهُ, {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} [يونس: ٤٩] مُدَّةٌ مَضْرُوبَةٌ, {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} [يونس: ٤٩] وَقْتُ فَنَاءِ أَعْمَارِهِمْ, {فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس: ٤٩] أي يَتَأَخَّرُونَ، وَلَا يَتَقَدَّمُونَ.
[٥٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا} [يونس: ٥٠] لَيْلًا, {أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: ٥٠] أَيْ: مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنَ اللَّهِ الْمُشْرِكُونَ، وَقِيلَ: مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنَ الْعَذَابِ الْمُجْرِمُونَ, وَقَدْ وَقَعُوا فِيهِ، وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ الْعَذَابَ, فَيَقُولُونَ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الْأَنْفَالِ: ٣٢] فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {مَاذَا يَسْتَعْجِلُ} [يونس: ٥٠] يعني: ليس يَعْلَمُ الْمُجْرِمُونَ مَاذَا يَسْتَعْجِلُونَ وَيَطْلُبُونَ, كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِغَيْرِهِ وَقَدْ فَعَلَ قَبِيحًا: مَاذَا جَنَيْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute