للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} [الْأَعْرَافِ: ١٥٧] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بعثت بالدين الحنيفية السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ» ، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] قَالَ طَاوُسٌ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي أَمْرِ النِّسَاءِ: لَا يُصْبَرُ عَنْهُنَّ، وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا يَسْتَمِيلُهُ هَوَاهُ وَشَهْوَتُهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، بَيَانُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الرُّومِ: ٥٤]

[٢٩] ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] بِالْحَرَامِ، يَعْنِي: بِالرِّبَا وَالْقُمَارِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَنَحْوَهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْعُقُودُ الْفَاسِدَةُ {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [النساء: ٢٩] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (تِجَارَةً) نُصِبَ عَلَى خَبَرِ كَانَ، أَيْ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمْوَالُ تِجَارَةً، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ، أَيْ: إِلَّا أَنْ تَقَعَ تِجَارَةٌ {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] أَيْ بِطِيبَةِ نَفْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُجِيزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَيَلْزَمُ وَإِلَّا فَلَهُمَا الخيار ما لم لتفرقا {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ لَا تُهْلِكُوهَا، كَمَا قَالَ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [الْبَقَرَةِ: ١٩٥] وَقِيلَ: لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ قَتْلَ المسلم نفسه، وَقَالَ الْحَسَنُ: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) يَعْنِي: إِخْوَانَكُمْ، أَيْ: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩]

[٣٠] ، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [النساء: ٣٠] يَعْنِي: مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ المحرمات، {عُدْوَانًا وَظُلْمًا} [النساء: ٣٠] فَالْعَدُوَّانُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَالظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ} [النساء: ٣٠] ندخله في الآخرة، {نَارًا} [النساء: ٣٠] يُصْلَى فِيهَا، {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: ٣٠] هَيِّنًا.

[٣١] قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] اخْتَلَفُوا فِي الْكَبَائِرِ الَّتِي جَعَلَ الله اجتنابها تكفيرا للصغائر، ففي حديث عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الغموس» ، وفي آخر «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فقال: أَلَّا وَقَوْلُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ» ، وفي آخر قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: " الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذَفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَالْيَأْسُ مِنْ روح اللَّهِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>