للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَشَبٍ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَتْ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جبير: كانت من يا قوت أَحْمَرَ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كانت الألواح من برد. وقال ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَتْ مِنْ زُمُرُّدٍ {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥] مِمَّا أُمِرُوا بِهِ، وَنُهُوا عَنْهُ، {مَوْعِظَةً} [الأعراف: ١٤٥] نَهْيًا عَنِ الْجَهْلِ، وَحَقِيقَةُ الْمَوْعِظَةِ: التذكير وَالتَّحْذِيرُ بِمَا يُخَافُ عَاقِبَتُهُ، {وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥] أَيْ: تَبْيِينًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْحُدُودِ والأحكام. {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} [الأعراف: ١٤٥] أَيْ: بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ. وَقِيلَ: بِقُوَّةِ الْقَلْبِ وَصِحَّةِ الْعَزِيمَةِ، لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ بِضَعْفِ النِّيَّةِ أَدَّاهُ إِلَى الْفُتُورِ، {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: ١٤٥] قال عطاء عن ابن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُحِلُّوا حَلَالَهَا، وَيُحَرِّمُوا حَرَامَهَا، وَيَتَدَبَّرُوا أَمْثَالَهَا، وَيَعْمَلُوا بِمُحْكَمِهَا، وَيَقِفُوا عِنْدَ مُتَشَابِهِهَا. وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَدُّ عِبَادَةً مِنْ قَوْمِهِ، فَأُمِرَ بِمَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ. قَالَ قُطْرُبٌ: بِأَحْسَنِهَا أي: بحسنها وكلها حسن. وقل: أَحْسَنُهَا الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِلُ، وَهِيَ مَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهَا الثَّوَابُ، وَمَا دُونَهَا الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الثَّوَابُ. وَقِيلَ: بِأَحْسَنِهَا بِأَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَالْعَفْوِ أَحْسَنَ مِنَ الْقِصَاصِ وَالصَّبْرِ أَحْسَنَ مِنَ الانتصار. {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٤٥] قَالَ مُجَاهِدٌ: مَصِيرُهَا فِي الْآخِرَةِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ. يَعْنِي جَهَنَّمَ، يُحَذِّرُكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَثَلَهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: سَأُدْخِلُكُمْ الشَّأْمَ فَأُرِيكُمْ مَنَازِلَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ لِتَعْتَبِرُوا بِهَا. قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: أَرَادَ دَارَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ وَهِيَ مِصْرُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ: (سَأُورِثُكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: دَارُ الْفَاسِقِينَ مُصَارِعُ الْكُفَّارِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَا مَرُّوا عَلَيْهِ إِذَا سَافَرُوا مِنْ مَنَازِلِ عَادٍ وَثَمُودَ وَالْقُرُونِ الذين أهلكوا.

[١٤٦] قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: ١٤٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الَّذِينَ يَتَجَبَّرُونَ عَلَى عِبَادِي، وَيُحَارِبُونَ أَوْلِيَائِي حَتَّى لَا يُؤْمِنُوا بِي، يَعْنِي سَأَصْرِفُهُمْ عَنْ قَبُولِ آيَاتِي وَالتَّصْدِيقِ بِهَا، عُوقِبُوا بِحِرْمَانِ الْهِدَايَةِ لِعِنَادِهِمْ لِلْحَقِّ، كَقَوْلِهِ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: سَأَمْنَعُهُمْ فَهْمَ الْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يعني عن خلق السموات والأرض وما فيهما، أي: سأصرفهم أن يتنكروا فِيهَا وَيَعْتَبِرُوا بِهَا. وَقِيلَ: حُكْمُ الْآيَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ خَاصَّةً، وَأَرَادَ بِالْآيَاتِ الْآيَاتِ التِّسْعَ الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا} [الأعراف: ١٤٦] يعني هؤلاء المتكبرين {سَبِيلَ الرُّشْدِ} [الأعراف: ١٤٦] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (الرَّشَدِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ، وَالْآخَرُونَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ كالسُّقْمِ وَالسَّقَم والْبُخْل والْبَخَل والْحُزْن والْحَزَن. وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، فَيَقُولُ: الرُّشْدُ بِالضَّمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>