للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَمْرِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ. بِطَاعَتِهِ. وَقِيلَ: مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَبَاعِثُهُمْ وَيَحْمَدُونَهُ حتى لا ينفعهم الحمد. قِيلَ: هَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ حَامِدِينَ. {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ} [الإسراء: ٥٢] في الدنيا أو في القبور، {إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٥٢] لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ مَكَثَ أُلُوفًا من السنين في الدنيا أو في القبور عَدَّ ذَلِكَ قَلِيلًا فِي مُدَّةِ الْقِيَامَةِ وَالْخُلُودِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَسْتَحْقِرُونَ مُدَّةَ الدُّنْيَا فِي جَنْبِ الْقِيَامَةِ.

[٥٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا} [الإسراء: ٥٣] للكافرين {الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٥٣] وَلَا يُكَافِئُوهُمْ بِسَفَهِهِمْ. قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ لَهُ يَهْدِيكَ اللَّهُ. وَكَانَ هَذَا قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الْجِهَادِ والقتال. وَقِيلَ: أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَقُولُوا وَيَفْعَلُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَيِ: الْخَلَّةُ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَقِيلَ: الْأَحْسَنُ: كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: ٥٣] أَيْ: يُفْسِدُ وَيُلْقِي الْعَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ، {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: ٥٣] ظَاهِرَ الْعَدَاوَةِ.

[٥٤] {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ} [الإسراء: ٥٤] يُوَفِّقْكُمْ فَتُؤْمِنُوا، {أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} [الإسراء: ٥٤] يُمِيتُكُمْ عَلَى الشِّرْكِ فَتُعَذَّبُوا، قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ فَيُنْجِيكُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ فَيُسَلِّطَهُمْ عَلَيْكُمْ، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [الإسراء: ٥٤] حَفِيظًا وَكَفِيلًا. قِيلَ: نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.

[٥٥] {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الإسراء: ٥٥] أَيْ: رَبُّكَ الْعَالِمُ بِمَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَجَعَلَهُمْ مُخْتَلِفِينَ فِي صورهم وأخلاقهم وأحوالهم وملكهما، {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: ٥٥] قِيلَ: جَعَلَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مُخْتَلِفِينَ كَمَا فَضَّلَ بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خليلا وكلم الله مُوسَى تَكْلِيمًا وَقَالَ لِعِيسَى كُنْ فيكون، وآتى سليمان ملكا عظيما لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَآتَى دَاوُدَ زَبُورًا كَمَا قَالَ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [الإسراء: ٥٥] وَالزَّبُورُ كِتَابٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ دَاوُدَ يَشْتَمِلُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سُورَةً كُلُّهَا دُعَاءٌ وَتَمْجِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَيْسَ فِيهَا حَرَامٌ وَلَا حَلَالٌ وَلَا فَرَائِضُ وَلَا حُدُودٌ، مَعْنَاهُ: إِنَّكُمْ لَمْ تُنْكِرُوا تَفْضِيلَ النَّبِيِّينَ فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ فَضْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِعْطَاءَهُ الْقُرْآنَ؟ وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ مَنْ يُقِرُّ بِتَفْضِيلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ.

[٥٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الإسراء: ٥٦] وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْكِلَابَ وَالْجِيَفَ فَاسْتَغَاثُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَدْعُوَ لَهُمْ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {قُلِ} [الإسراء: ٥٦] للمشركين {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} [الإسراء: ٥٦] أنها آلهة {مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ} [الإسراء: ٥٦] الْقَحْطِ وَالْجُوعِ، {عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: ٥٦] إِلَى غَيْرِكُمْ أَوْ تَحْوِيلَ الْحَالِ مِنَ الْعُسْرِ إِلَى الْيُسْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>