أي ظنا وحدسا مع غَيْرِ يَقِينٍ، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي حَقِّ السَّبْعَةِ، فَقَالَ: {وَيَقُولُونَ} [الكهف: ٢٢] يَعْنِي: الْمُسْلِمِينَ، {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢] اخْتَلَفُوا فِي الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: {وَثَامِنُهُمْ} [الكهف: ٢٢] وقيل. تَرْكُهَا وَذِكْرُهَا سَوَاءٌ. وَقِيلَ: هِيَ وَاوُ الْحُكْمِ وَالتَّحْقِيقِ كَأَنَّهُ حَكَى اخْتِلَافَهُمْ، وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ ثُمَّ حَقَّقَ هَذَا القول بقوله: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢] وَالثَّامِنُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ السَّابِعِ. وَقِيلَ: هَذِهِ وَاوُ الثَّمَانِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَعُدُّ فَتَقُولُ: وَاحِدٌ اثْنَانِ ثَلَاثَةٌ أَرْبَعَةٌ خَمْسَةٌ سِتَّةٌ سَبْعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ، لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ عِنْدَهُمْ سَبْعَةً كَمَا هُوَ الْيَوْمَ عِنْدَنَا عَشْرَةٌ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ} [التوبة: ١١٢] إِلَى قَوْلِهِ: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التَّوْبَةِ: ١١٢] وَقَالَ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التَّحْرِيمِ: ٥] {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} [الكهف: ٢٢] أَيْ: بِعَدَدِهِمْ {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} [الكهف: ٢٢] أَيْ: إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا مِنَ الْقَلِيلِ كَانُوا سَبْعَةً. وَقَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق: كانوا ثمانية {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ} [الكهف: ٢٢] أَيْ: لَا تُجَادِلْ وَلَا تَقُلْ فِي عَدَدِهِمْ وَشَأْنِهِمْ، {إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف: ٢٢] إِلَّا بِظَاهِرِ مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ، يقول: بحسبك مَا قَصَصْتُ عَلَيْكَ فَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ وَقِفْ عِنْدَهُ، {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ} [الكهف: ٢٢] من أهل الكتاب، {أَحَدًا} [الكهف: ٢٢] أَيْ: لَا تَرْجِعْ إِلَى قَوْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرْنَاكَ.
[٢٣] {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣]
[٢٤] {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الْكَهْفِ: ٢٤] يَعْنِي: إِذَا عَزَمْتَ عَلَى أَنْ تَفْعَلَ غَدًا شَيْئًا فَلَا تَقُلْ أَفْعَلُ غَدًا حَتَّى تَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ وَعَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، فَقَالَ: أُخْبِرُكُمْ غَدًا وَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَبِثَ الْوَحْيُ أَيَّامًا ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: مَعْنَاهُ إِذَا نَسِيتَ الِاسْتِثْنَاءَ ثُمَّ ذَكَرْتَ فَاسْتَثْنِ، وَجَوَّزَ ابْنُ عَبَّاسٍ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ وَإِنْ كَانَ إِلَى سَنَةٍ وَجَوَّزَهُ الْحَسَنُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ، وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ إِذَا قَرُبَ الزَّمَانُ، فَإِنْ بَعُدَ فَلَا يصح، ولم يجوزه جماعة حتى يكون الكلام مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَعْنَى الْآيَةِ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا غَضِبْتَ. وَقَالَ وَهْبٌ: مَكْتُوبٌ فِي الْإِنْجِيلِ ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ أَذْكُرُكَ حِينَ أَغْضَبُ. وَقَالَ الضَّحَاكُ والسدي: هذا في الصلاة، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسْيِ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» (١) . {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} [الكهف: ٢٤] أَيْ يُثَبِّتُنِي عَلَى طَرِيقٍ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَرْشَدُ. وَقِيلَ: أَمَرَ
(١) أخرجه البخاري في المواقيت ٢ / ٧٠ ومسلم في المساجد رقم (٥٩٧) ٢ / ٢٤١ والمصنف في شرح السنة ٢ / ٢٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute