للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا إِلَى غَيْرِي. وَقِيلَ: الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ: فَاسْأَلْ عَنْهُ خبير وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَقِيلَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

[٦٠] {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا رَحِمْنَ الْيَمَامَةِ، يَعْنُونَ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ، كَانُوا يُسَمُّونَهُ رَحْمَنَ الْيَمَامَةِ. {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} [الفرقان: ٦٠] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (يَأْمُرُنَا) بِالْيَاءِ أَيْ لِمَا يَأْمُرُنَا مُحَمَّدٌ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ أَيْ لِمَا تَأْمُرُنَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، {وَزَادَهُمْ} [الفرقان: ٦٠] يَعْنِي زَادَهُمْ قَوْلُ الْقَائِلِ لَهُمْ: (اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ) {نُفُورًا} [الفرقان: ٦٠] عَنِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ.

[٦١] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان: ٦١] قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: (الْبُرُوجُ) هِيَ النُّجُومُ الْكِبَارُ سُمِّيَتْ بُرُوجًا لِظُهُورِهَا، وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: بُرُوجًا أَيْ: قُصُورًا فِيهَا الْحَرَسُ، كَمَا قَالَ: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النِّسَاءِ: ٧٨] وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ الْبُرُوجُ الِاثْنَا عَشْرَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ، وَهِيَ الْحَمَلُ وَالثَّوْرُ وَالْجَوْزَاءُ وَالسَّرَطَانُ وَالْأَسَدُ وَالسُّنْبُلَةُ وَالْمِيزَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْقَوْسُ وَالْجَدْيُ وَالدَّلْوُ وَالْحُوتُ، فَالْحَمَلُ وَالْعَقْرَبُ بَيْتَا الْمِرِّيخِ، وَالثَّوْرُ وَالْمِيزَانُ بَيْتَا الزُّهَرَةِ، وَالْجَوْزَاءُ وَالسُّنْبُلَةُ بَيْتًا عُطَارِدِ، وَالسَّرَطَانُ بَيْتُ الْقَمَرِ وَالْأَسَدُ بَيْتُ الشَّمْسِ، وَالْقَوْسُ وَالْحُوتُ بَيْتَا الْمُشْتَرَى، وَالْجَدْيُ وَالدَّلْوُ بَيْتَا زُحَلَ. وَهَذِهِ الْبُرُوجُ مَقْسُومَةٌ عَلَى الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ فَيَكُونُ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ تُسَمَّى الْمُثَلَّثَاتُ، فَالْحَمَلُ وَالْأَسَدُ وَالْقَوْسُ مُثَلَّثَةٌ نَارِيَّةٌ، وَالثَّوْرُ وَالسُّنْبُلَةُ وَالْجَدْيُ مُثَلَّثَةٌ أَرْضِيَّةٌ وَالْجَوْزَاءُ وَالْمِيزَانُ وَالدَّلْوُ مُثَلَّثَةٌ هَوَائِيَّةٌ وَالسَّرَطَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحُوتُ مُثَلَّثَةٌ مائية. {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا} [الفرقان: ٦١] يَعْنِي الشَّمْسَ كَمَا قَالَ: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نُوحٍ: ١٦] وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (سُرُجًا) بِالْجَمْعِ يَعْنِي النُّجُومَ. {وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] وَالْقَمَرُ قَدْ دَخَلَ فِي السُّرُجِ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالْجَمْعِ، غَيْرَ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِنَوْعِ فَضِيلَةٍ، كَمَا قَالَ: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرَّحْمَنِ: ٦٨] خَصَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِمَا فِي الْفَاكِهَةِ.

[٦٢] {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: ٦٢] اخْتَلَفُوا فِيهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي خَلَفًا وَعِوَضًا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ صَاحِبِهِ، فَمَنْ فَاتَهُ عَمَلُهُ فِي أَحَدِهِمَا قَضَاهُ في الآخر. قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي جَعْلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَالِفًا لِصَاحِبِهِ فَجَعَلَ هَذَا أَسْوَدُ وَهَذَا أَبْيَضُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: يَعْنِي يَخْلُفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا جَاءَ الْآخَرُ فَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ فِي الضِّيَاءِ وَالظُّلْمَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} [الفرقان: ٦٢] قرأ حمزة بتخفيف الدال وَالْكَافِ وَضَمِّهَا مِنَ الذِّكْرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِتَشْدِيدِهِمَا أَيْ يَتَذَكَّرَ وَيَتَّعِظَ {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>