للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعاءكم، {إِذْ تَدْعُونَ} [الشعراء: ٧٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَسْمَعُونَ لَكُمْ؟

[٧٣] {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} [الشعراء: ٧٣] قيل: بالرزق، {أَوْ يَضُرُّونَ} [الشعراء: ٧٣] إِنْ تَرَكْتُمْ عِبَادَتَهَا.

[٧٤] {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٧٤] مَعْنَاهُ إِنَّهَا لَا تَسْمَعُ قَوْلًا وَلَا تَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرًّا لَكِنِ اقْتَدَيْنَا بِآبَائِنَا, فِيهِ إِبْطَالُ التَّقْلِيدِ فِي الدِّينِ. ٧٥,

[٧٦] {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ - أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} [الشعراء: ٧٥ - ٧٦] الأولون.

[٧٧] {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [الشعراء: ٧٧] يعني أعدائي وَوَحَّدَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ لَكُمْ عَدُوٌّ لِي، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَصَفَ الْأَصْنَامَ بِالْعَدَاوَةِ وَهِيَ جَمَادَاتٌ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي لَوْ عَبَدْتُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مَرْيَمَ: ٨٢] وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ أراد فإنهم عَدُوٌّ لَهُمْ لِأَنَّ مَنْ عَادَيْتَهُ فَقَدْ عَادَاكَ. وَقِيلَ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي عَلَى مَعْنَى إِنِّي لَا أتوهم وَلَا أَطْلُبُ مِنْ جِهَتِهِمْ نَفْعًا كَمَا لَا يُتَوَلَّى الْعَدُوُّ وَلَا يُطْلَبُ مِنْ جِهَتِهِ النَّفْعُ، قَوْلُهُ: {إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧] اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، قِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي لَكِنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَلِيِّي. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ مَعَ اللَّهِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كُلُّ مَنْ تَعْبُدُونَ أَعْدَائِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ غَيْرُ مَعْبُودٍ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَإِنِّي أَعْبُدُهُ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ عند رَبَّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ وَصَفَ مَعْبُودَهُ فَقَالَ:

[٧٨] {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: ٧٨] أَيْ يُرْشِدُنِي إِلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ.

[٧٩] {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشعراء: ٧٩] أي يرزقني ويغذيني بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَهُوَ رَازِقِي وَمِنْ عنده رزقي.

[٨٠] {وَإِذَا مَرِضْتُ} [الشعراء: ٨٠] أَضَافَ الْمَرَضَ إِلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كان المرض والشفا كُلُّهُ مِنَ اللَّهِ، اسْتِعْمَالًا لِحُسْنِ الْأَدَبِ كَمَا قَالَ الْخَضِرُ: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الْكَهْفِ: ٧٩] وَقَالَ: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} [الْكَهْفِ: ٨٢] {فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] أَيْ يُبْرِئُنِي مِنَ الْمَرَضِ.

[٨١] {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء: ٨١] أَدْخَلَ (ثُمَّ) هَاهُنَا لِلتَّرَاخِي أَيْ يُمِيتُنِي فِي الدُّنْيَا وَيُحْيِينِي فِي الآخرة.

[٨٢] {وَالَّذِي أَطْمَعُ} [الشعراء: ٨٢] أَرْجُو، {أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٨٢] أَيْ خَطَايَايَ يَوْمَ الْحِسَابِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصَّافَاتِ: ٨٩] وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: ٦٣] وَقَوْلُهُ لِسَارَّةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَزَادَ الْحَسَنُ وَقَوْلُهُ لِلْكَوَاكِبِ: {هَذَا رَبِّي} [الأنعام: ٧٦] وَهَذَا كُلُّهُ احْتِجَاجٌ مَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ وَإِخْبَارٌ أَنَّهُ لَا تصلح الإلهية إلا لمن يَفْعَلُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ.

[٨٣] {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا} [الشعراء: ٨٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْرِفَةُ حُدُودِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْفَهْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>