تحمل الحصا وَهِيَ الْحَصَا الصِّغَارُ، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} [العنكبوت: ٤٠] يَعْنِي ثَمُودَ، {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} [العنكبوت: ٤٠] يَعْنِي قَارُونَ وَأَصْحَابَهُ، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت: ٤٠] يَعْنِي قَوْمَ نُوحٍ وَفِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: ٤٠]
[٤١] {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} [العنكبوت: ٤١] أي الْأَصْنَامَ يَرْجُونَ نَصْرَهَا وَنَفْعَهَا، {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [العنكبوت: ٤١] لِنَفْسِهَا تَأْوِي إِلَيْهِ، وَإِنَّ بَيْتَهَا في غاية الضعف والوهن , لَا يَدْفَعُ عَنْهَا حَرًّا وَلَا بردا فكذلك الْأَوْثَانُ لَا تَمْلِكُ لِعَابِدِيهَا نَفْعًا وَلَا ضَرًّا. {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٤١]
[٤٢] {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: ٤٢] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَعَاصِمٌ يَدْعُونَ بِالْيَاءِ لِذِكْرِ الْأُمَمِ قَبْلَهَا، وَقَرَأَ الآخرون بالتاء.
[٤٣] {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ} [العنكبوت: ٤٣] الأشباه والمثل كلام ساتر يَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ الْآخِرِ بِالْأَوَّلِ يُرِيدُ أَمْثَالَ الْقُرْآنِ الَّتِي شَبَّهَ بِهَا أَحْوَالَ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَحْوَالِ كفار الأمم المتقدمة، {نَضْرِبُهَا} [العنكبوت: ٤٣] نبينها، {لِلنَّاسِ} [العنكبوت: ٤٣] قال عطاء ومقاتل: لِكُفَّارِ مَكَّةَ، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣] مَا يَعْقِلُ الْأَمْثَالَ إِلَّا الْعُلَمَاءُ الذين يعقلون عن الله، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا هَذِهِ الآية فقال: «الْعَالِمُ مَنْ عَقِلَ عَنِ اللَّهِ فعمل بطاعته واجتنب سخطه» .
[٤٤] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [العنكبوت: ٤٤] أَيْ لِلْحَقِّ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} [العنكبوت: ٤٤] في خلقها، {لَآيَةً} [العنكبوت: ٤٤] لدلالة {لِلْمُؤْمِنِينَ} [العنكبوت: ٤٤] عَلَى قُدْرَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ.
[٤٥] {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} [العنكبوت: ٤٥] يَعْنِي الْقُرْآنَ، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] الْفَحْشَاءُ مَا قُبِّحَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْمُنْكَرُ مَا لَا يُعْرَفُ فِي الشَّرْعِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: فِي الصَّلَاةِ مُنْتَهَى وَمُزْدَجَرٌ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَمَنْ لَمْ تَأْمُرْهُ صَلَاتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَهُ عن المنكر يزدد بصلاته بالمعروف ولم تنهه عن منكر لَمْ يَزْدَدْ بِصَلَاتِهِ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَصَلَاتُهُ وَبَالٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى صَاحِبَهَا عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ مَا دَامَ فِيهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالصَّلَاةِ الْقُرْآنَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: ١١٠] أي بقراءتك. وقيل: أراد أن يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ فَالْقُرْآنُ ينهاه عن الفحشاء والمنكر قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥] أَيْ ذِكْرُ اللَّهِ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ، قال رسول والله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُنْبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق وخير "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute