للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٤] فذلك قوله تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: ١٤] قَالَ وَهْبٌ: اسْمُهُمَا يُوحَنَّا وَبُولِسُ، {فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا} [يس: ١٤] يعني فقوينا {بِثَالِثٍ} [يس: ١٤] بِرَسُولٍ ثَالِثٍ وَهُوَ شَمْعُونُ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ (فَعَزَزْنَا) بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ كَقَوْلِكَ: شددنا وشددنا، بالتخفيف بالتثقيل، وَقِيلَ: أَيْ فَغَلَبْنَا مِنْ قَوْلِهِمْ: مَنْ عَزَّ بَزَّ. وَقَالَ كَعْبٌ: الرَّسُولَانِ صَادِقٌ وَصَدُوقٌ، وَالثَّالِثُ شَلُومُ، وَإِنَّمَا أَضَافَ اللَّهُ الْإِرْسَالَ إِلَيْهِ لأن عيسى إِنَّمَا بَعَثَهُمْ بِأَمْرِهِ تَعَالَى، {فَقَالُوا} [يس: ١٤] جَمِيعًا لِأَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ، {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: ١٤]

[١٥] {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} [يس: ١٥] مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَاذِبُونَ فِيمَا تَزْعُمُونَ.

[١٦] {قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} [يس: ١٦]

[١٧] {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [يس: ١٧]

[١٨] {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: ١٨] تَشَاءَمْنَا بِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَطَرَ حبس عنهم حين قدم الرسل عليهم، فَقَالُوا: أَصَابَنَا هَذَا بِشُؤْمِكُمْ، {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} [يس: ١٨] لَنَقْتُلَنَّكُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالْحِجَارَةِ {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس: ١٨]

[١٩] {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: ١٩] يَعْنِي شُؤْمُكُمْ مَعَكُمْ بِكُفْرِكُمْ وَتَكْذِيبِكُمْ يَعْنِي أَصَابَكُمِ الشُّؤْمُ مِنْ قِبَلِكُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: حَظُّكُمْ من الخير والشر، {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} [يس: ١٩] يَعْنِي وُعِظْتُمْ بِاللَّهِ، وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ محذوف، الجواب: إِنْ ذُكِّرْتُمْ وَوُعِظْتُمْ بِاللَّهِ تَطَيَّرْتُمْ بِنَا، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ (أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَلِينَةِ ذُكِرْتُمْ بِالتَّخْفِيفِ، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس: ١٩] مُشْرِكُونَ مُجَاوِزُونَ الْحَدَّ.

[٢٠] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: ٢٠] وَهُوَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ، وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: كَانَ قَصَّارًا. وَقَالَ وَهْبٌ: كَانَ رَجُلًا يَعْمَلُ الْحَرِيرَ وَكَانَ سَقِيمًا فد أَسْرَعَ فِيهِ الْجُذَامُ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ عِنْدَ أَقْصَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مُؤْمِنًا ذَا صَدَقَةٍ يَجْمَعُ كَسْبَهُ إِذَا أَمْسَى فَيَقْسِمُهُ نِصْفَيْنِ، فَيُطْعِمُ نِصْفًا لِعِيَالِهِ وَيَتَصَدَّقُ بنصفه، فلما بلغه أن قومه قد قَصَدُوا قَتْلَ الرُّسُلِ جَاءَهُمْ، {قَالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس: ٢٠]

[٢١] {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: ٢١] قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ حَبِيبٌ فِي غار يعبد الله، فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الرُّسُلِ أَتَاهُمْ فَأَظْهَرَ دِينَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى حَبِيبٌ إِلَى الرُّسُلِ قَالَ لَهُمْ: تَسْأَلُونَ عن هَذَا أَجْرًا؟ قَالُوا: لَا، فَأَقْبَلَ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: (يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالُوا لَهُ: وَأَنْتَ مُخَالِفٌ لِدِينِنَا وَمُتَابِعٌ دِينَ هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ وَمُؤْمِنٌ بِإِلَهِهِمْ؟

[٢٢] فَقَالَ: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٢٢] قَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ (مَا لِي) بِإِسْكَانِ الْيَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>