وَحم، وَنون، حُرُوفُ الرَّحْمَنِ مُقَطَّعَةً. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: الْحَاءُ افْتِتَاحُ أَسْمَائِهِ حَكِيمٌ حَمِيدٌ حَيٌّ حَلِيمٌ حَنَّانٌ، وَالْمِيمُ افتتاح أسمائه ملك مَجِيدٌ مَنَّانٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ قَضَى مَا هُوَ كَائِنٌ كأنه أشار إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ حُمَّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ حِم بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا.
[٢، ٣] {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [غَافِرٍ: ٢] {غَافِرِ الذَّنْبِ} [غافر: ٣] ساتر الذنب و {وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: ٣] يَعْنِي التَّوْبَةَ مَصْدَرُ تَابَ يَتُوبُ تَوْبًا. وَقِيلَ: التَّوْبُ جَمْعُ تَوْبَةٍ مِثْلُ دَوْمَةٍ وَدَوْمٍ وَحَوْمَةٍ وَحَوْمٍ. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ. غَافِرُ الذَّنْبِ لِمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَابِلُ التَّوْبِ مِمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله. {شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر: ٣] لِمَنْ لَا يَقُولُ لَا إِلَهَ إلا الله، {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: ٣] ذِي الْغِنَى عَمَّنْ لَا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ. ذِي الطَّوْلِ ذِي السَّعَةِ وَالْغِنَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: ذُو الْفَضْلِ. قال قتادة: ذو النعم: ذُو الْقُدْرَةِ وَأَصْلُ الطَّوْلِ الْإِنْعَامُ الَّذِي تَطُولُ مُدَّتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ. {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: ٣]
[٤] {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ} [غافر: ٤] في دفع آيات الله بالتعذيب والإنكار، {إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: ٤] قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: آيَتَانِ مَا أَشَدَّهُمَا عَلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي الْقُرْآنِ: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: ٤] و {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة: ١٧٦] قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} [غافر: ٤] تَصَرُّفُهُمْ فِي الْبِلَادِ لِلتِّجَارَاتِ وَسَلَامَتُهُمْ فِيهَا مَعَ كُفْرِهِمْ، فَإِنَّ عَاقِبَةَ أَمْرِهِمُ الْعَذَابُ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٦]
[٥] {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ} [غافر: ٥] وَهُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ بِالتَّكْذِيبِ مِنْ [بَعْدِ] قَوْمِ نُوحٍ، {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} [غافر: ٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِيَقْتُلُوهُ وَيُهْلِكُوهُ، وَقِيلَ. لِيَأْسِرُوهُ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَسِيرَ أخيذا {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا} [غافر: ٥] ليبطلوا، {بِهِ الْحَقَّ} [غافر: ٥] الَّذِي جَاءَ بِهِ الرُّسُلُ وَمُجَادَلَتُهُمْ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: ١٠] {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} [الْفَرْقَانِ: ٢١] وَنَحْوَ ذَلِكَ. {فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: ٥]
[٦] {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [غافر: ٦] يَعْنِي كَمَا حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ حَقَّتْ {عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: ٦] مِنْ قَوْمِكَ، {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: ٦]
[٧] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر: ٧] حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالطَّائِفُونَ بِهِ وَهُمُ الكروبيون، وهم سادة المائكة. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} [غافر: ٧] يُصَدِّقُونَ بِأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ له {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا} [غافر: ٧] يَعْنِي يَقُولُونَ رَبَّنَا، {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute