[١٢] {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ١٢] أَيْ أَتَمَّهُنُ وَفَرَغَ مِنْ خَلْقِهِنَّ، {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢] قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: خَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرَدِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ. يَعْنِي خَلَقَ فِيهَا شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا وَنُجُومَهَا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَأَوْحَى إِلَى كُلِّ سَمَاءٍ مَا أَرَادَ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمْعَةِ. {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [فصلت: ١٢] وكواكب، {وَحِفْظًا} [فصلت: ١٢] لَهَا، وَنَصَبَ حِفْظًا عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ حَفِظْنَاهَا بِالْكَوَاكِبِ حِفْظًا مِنَ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَسْتَرِقُّونَ السَّمْعَ، {ذَلِكَ} [فصلت: ١٢] الَّذِي ذُكِرَ مِنْ صُنْعِهِ، {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} [فصلت: ١٢] في ملكه، {الْعَلِيمِ} [فصلت: ١٢] بخلقه.
[١٣] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَإِنْ أَعْرَضُوا} [فصلت: ١٣] يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْإِيمَانِ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ، {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ} [فصلت: ١٣] خَوَّفْتُكُمْ، {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣] أَيْ هَلَاكًا مِثْلَ هَلَاكِهِمْ، وَالصَّاعِقَةُ: الْمُهْلِكَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
[١٤] {إِذْ جَاءَتْهُمُ} [فصلت: ١٤] يعني عادا أو ثمودا، {الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} [فصلت: ١٤] أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} [فصلت: ١٤] الرُّسُلَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى آبَائِهِمْ من قبلهم، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} [فصلت: ١٤] يعني من بَعْدِ الرُّسُلِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى آبَائِهِمُ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ هُودٌ وَصَالِحٌ، فَالْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ رَاجِعَةٌ إِلَى عَادٍ وَثَمُودَ وَفِي قَوْلِهِ (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) راجعة إلى الرسل، {أَلَّا} [فصلت: ١٤] بِأَنْ لَا، {تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ} [فصلت: ١٤] بدل هؤلاء الرسل، {مَلَائِكَةً} [فصلت: ١٤] أَيْ لَوْ شَاءَ رَبُّنَا دَعْوَةَ الْخَلْقِ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً، {فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فصلت: ١٤]
[١٥] قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: ١٥] وذلك أن هودا هَدَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ، فَقَالُوا: مَنْ أَشَدُّ منا قوة، ونحن نَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْعَذَابِ عَنَّا بِفَضْلِ قُوَّتِنَا، وَكَانُوا ذَوِي أَجْسَامٍ طِوَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت: ١٥]
[١٦] {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [فصلت: ١٦] عَاصِفَةً شَدِيدَةَ الصَّوْتِ، مِنَ الصِّرَّةِ وَهِيَ الصَّيْحَةُ. وَقِيلَ: هِيَ الْبَارِدَةُ مِنَ الصِّر وَهُوَ الْبَرْدُ، {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: ١٦] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ (نَحْسات) بِسُكُونِ الْحَاءِ، وقرأ الآخرون بكسرها نَكِدَاتٍ مَشْئُومَاتٍ ذَاتِ نُحُوسٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَامَتِ الرِّيَاحُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، {لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ} [فصلت: ١٦] أَيْ عَذَابَ الْهُونِ وَالذُّلِّ، {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى} [فصلت: ١٦] أَشَدُّ إِهَانَةً {وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: ١٦]
[١٧] {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: ١٧] دَعَوْنَاهُمْ، قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute