الْأَمْرُ نَكَّلُوا وَكَذَّبُوا فِيمَا وَعَدُوا، وَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لهم.
[٢٢] {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: ٢٢] فلعلكم، {إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محمد: ٢٢] أَعْرَضْتُمْ عَنِ الْقُرْآنِ وَفَارَقْتُمْ أَحْكَامَهُ، {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [محمد: ٢٢] تَعُودُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بِالْمَعْصِيَةِ وَالْبَغْيِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَتَرْجِعُوا إلى الفرقة بعدما جَمَعَكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ. {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] قَرَأَ يَعْقُوبُ: (وَتَقْطَعُوا) بِفَتْحِ التَّاءِ خفيف، والآخرون بالتشديد مِنَ التَّقْطِيعِ عَلَى التَّكْثِيرِ لِأَجْلِ الْأَرْحَامِ، قَالَ قَتَادَةُ: كَيْفَ رَأَيْتُمُ الْقَوْمَ حِينَ تَوَلَّوْا عَنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَلَمْ يَسْفِكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، وَقَطَّعُوا الْأَرْحَامَ، وَعَصَوُا الرَّحْمَنَ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنَ الْوِلَايَةِ. وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ شَرِيكٍ وَالْفَرَّاءُ: يَقُولُ فَهَلْ عسيتُم إِنَّ وُليتم أَمْرَ النَّاسِ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بِالظُّلْمِ، نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمِّيَّةَ وَبَنِي هَاشِمٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (تُوُليتم) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ، يَقُولُ إِنْ وَلَّيْتُكُمْ وُلَاةً جَائِرَةً خرجتم معهم في الفتنة وعاونتوهم.
[٢٣] {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٣] عَنِ الْحَقِّ.
[٢٤] {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤] فَلَا تَفْهَمُ مَوَاعِظَ الْقُرْآنِ وَأَحْكَامَهُ، و (أم) بمعنى (بل) .
[٢٥] {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} [محمد: ٢٥] رَجَعُوا كُفَّارًا، {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: ٢٥] قَالَ قَتَادَةُ: هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ الْكِتَابِ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ مَا عَرَفُوهُ وَوَجَدُوا نَعْتَهُ فِي كِتَابِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: هُمُ المنافقون، {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} [محمد: ٢٥] زَيَّنَ لَهُمُ الْقَبِيحَ، {وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: ٢٥] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بِضَمِّ الْأَلْفِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ: بِإِرْسَالِ الْيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَتُرْوَى هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (وَأَملى لَهُمْ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ أَيْ وَأَمْلَى الشَّيْطَانُ لَهُمْ مَدَّ لَهُمْ فِي الْأَمَلِ.
[٢٦] {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} [محمد: ٢٦] يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْيَهُودَ، {قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} [محمد: ٢٦] وَهْمُ الْمُشْرِكُونَ، {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} [محمد: ٢٦] فِي التَّعَاوُنِ عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْقُعُودِ عَنِ الْجِهَادِ، وَكَانُوا يَقُولُونَهُ سِرًّا فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: ٢٦] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا عَلَى جَمْعِ السِّرِّ.
[٢٧] {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد: ٢٧]
[٢٨] {ذَلِكَ} [محمد: ٢٨] أي الضَّرْبُ، {بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} [محمد: ٢٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِمَا كَتَمُوا مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute