الضَّحَّاكُ وَابْنُ كَيْسَانَ: غَرِمْنَا أَمْوَالَنَا وَصَارَ مَا أَنْفَقْنَا غُرْمًا عَلَيْنَا، وَالْمُغْرَمُ: الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ قَوْلُهُ:
[٦٧] {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: ٦٧] مَحْدُودُونَ مَمْنُوعُونَ، أَيْ حُرِمْنَا مَا كُنَّا نَطْلُبُهُ مِنَ الرِّيعِ فِي الزَّرْعِ.
[٦٨ - ٧٠] {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ - أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} [الواقعة: ٦٨ - ٦٩] السَّحَابِ، وَاحِدَتُهَا مُزْنَةٌ، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة: ٦٩] لَوْ {نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: ٧٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَدِيدُ الْمُلُوحَةِ، قَالَ الْحَسَنُ: مُرًّا.
{فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة: ٧٠]
[٧١] {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} [الْوَاقِعَةِ: ٧١] تَقْدَحُونَ وَتَسْتَخْرِجُونَ مِنْ زَنْدِكُمْ. ٧٢،
[٧٣] {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} [الواقعة: ٧٢] الَّتِي تُقْدَحُ مِنْهَا النَّارُ وَهِيَ الْمَرْخُ وَالْعِفَارُ، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ - نَحْنُ جَعَلْنَاهَا} [الواقعة: ٧٢ - ٧٣] خلقناها يعني نار الدنيا، {تَذْكِرَةً} [الواقعة: ٧٣] لِلنَّارِ الْكُبْرَى إِذَا رَآهَا الرَّائِي ذَكَرَ جَهَنَّمَ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: مَوْعِظَةٌ يَتَّعِظُ بها المؤمن، {وَمَتَاعًا} [الواقعة: ٧٣] بلغة ومنفعة، {لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: ٧٣] المسافرين.
والمقوي: النازل في الأرض، وَالْقِيُّ وَالْقَوُّ هُوَ: الْقَفْرُ الْخَالِيَةُ الْبَعِيدَةُ مِنَ الْعُمْرَانِ، يُقَالُ أَقْوَتِ الدَّارُ إِذَا خَلَتْ مِنْ سُكَّانِهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا أَهْلُ الْبَوَادِي وَالْأَسْفَارِ، فَإِنَّ مَنْفَعَتَهُمْ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُقِيمِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَهَا لَيْلًا لِتَهْرَبَ مِنْهُمَ السِّبَاعُ وَيَهْتَدِيَ بِهَا الضُّلَّالُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
وقال مجاهد وعكرمة: {لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: ٧٣] يَعْنِي: لِلْمُسْتَمْتِعِينَ بِهَا مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ الْمُسَافِرِينَ وَالْحَاضِرِينَ يَسْتَضِيئُونَ بِهَا فِي الظُّلْمَةِ وَيَصْطَلُونَ مِنَ الْبَرْدِ، وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا فِي الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ.
قَالَ الْحَسَنُ: بُلْغَةٌ لِلْمُسَافِرِينَ يَتَبَلَّغُونَ بها إلى أسفارهم، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لِلْجَائِعِينَ تَقُولُ الْعَرَبُ أَقْوَيْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أَيْ مَا أَكَلْتُ شَيْئًا.
قَالَ قُطْرُبُ: (الْمُقْوِي) مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ لِلْفَقِيرِ: مُقْوٍ لِخُلُوِّهِ مِنَ الْمَالِ، وَيُقَالُ لِلْغَنِيِّ مُقْوٍ لِقُوَّتِهِ عَلَى مَا يُرِيدُ، يُقَالُ: أَقْوَى الرَّجُلُ إِذَا قَوِيَتْ دَوَابُّهُ وَكَثُرَ مَالُهُ، وَصَارَ إِلَى حَالَةِ الْقُوَّةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ فِيهَا مَتَاعًا لِلْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ جَمِيعًا لَا غِنًى لِأَحَدٍ عَنْهَا.
[٧٤] {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤]
[٧٥] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: ٧٥] قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ أُقْسِمُ وَ (لَا) صِلَةٌ، وَكَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَقْرَأُ: (فَلَأُقْسِمُ) عَلَى التحقيق.
وقيل: قوله (لا) رَدٌّ لِمَا قَالَهُ الْكُفَّارُ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ سِحْرٌ وَشِعْرٌ وَكَهَانَةٌ، مَعْنَاهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ، فَقَالَ (أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) .
قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: (بِمَوْقِعِ) عَلَى التَّوْحِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (بِمَوَاقِعِ) عَلَى الْجَمْعِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ نُجُومَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ كان نَزَلَ عَلَى