للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي طَلَبِهِ، وَسَبَقَهُمْ رَجُلٌ نَاصِحٌ مِنْ طَرِيقٍ أَقْرَبَ إِلَيْهِ، {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: ٢٠] سَاعِيًا إِلَيْهِ مُشْفِقًا عَلَيْهِ فَقَالَ: {يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} [القصص: ٢٠] أَيْ ; مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ أَيْ ; فِيمَا أَقُولُهُ لَكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢١] أَيْ ; فَخَرَجَ مِنْ مَدِينَةِ مِصْرَ مِنْ فَوْرِهِ، عَلَى وَجْهِهِ، لَا يَهْتَدِي إِلَى طَرِيقٍ وَلَا يَعْرِفُهُ، قَائِلًا: {رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٢١] .

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ - وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ - فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٢ - ٢٤]

[الْقَصَصِ: ٢٢ - ٢٤] . يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ خُرُوجِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ مِنْ مِصْرَ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ أَيْ ; يَتَلَفَّتُ خَشْيَةَ أَنْ يُدْرِكَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَلَا إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِصْرَ قَبْلَهَا وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ أَيْ ; اتَّجَهَ لَهُ طَرِيقٌ يَذْهَبُ فِيهِ {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: ٢٢] أَيْ ; عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّرِيقُ مُوَصِّلَةً إِلَى الْمَقْصُودِ. وَكَذَا وَقَعَ، أَوْصَلَتْهُ إِلَى مَقْصُودٍ، وَأَيُّ مَقْصُودٍ {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: ٢٣] وَكَانَتْ بِئْرًا يَسْتَقُونَ مِنْهَا. وَمَدْيَنُ هِيَ الْمَدِينَةُ الَّتِي أَهْلَكَ اللَّهُ فِيهَا أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ، وَهُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>