الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَاقَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا بَلَغَهُ إِسْلَامُ جَبَلَةَ فَرِحَ بِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ بَعَثَ يَسْتَدْعِيهِ لِيَرَاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: بَلِ اسْتَأْذَنَهُ جَبَلَةُ فِي الْقُدُومِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَرَكِبَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، قِيلَ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَاكِبًا. وَقِيلَ: خَمْسُمِائَةٍ. وَتَلَقَّتْهُ هَدَايَا عُمَرَ وَنُزُلُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِمَرَاحِلَ، وَكَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا، دَخَلَهَا وَقَدْ أَلْبَسَ خُيُولَهُ قَلَائِدَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَبِسَ هُوَ تَاجًا عَلَى رَأْسِهِ، مُرَصَّعًا بِاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ، وَفِيهِ قُرْطَا مَارِيَةَ جَدَّتِهِ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَلَى عُمَرَ رَحَّبَ بِهِ عُمَرُ وَأَدْنَى مَجْلِسَهُ، وَشَهِدَ الْحَجَّ مَعَ عُمَرَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذْ وَطِئَ إِزَارَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ فَانْحَلَّ، فَرَفَعَ جَبَلَةُ يَدَهُ فَهَشَّمَ أَنْفَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ قَلَعَ عَيْنَهُ. فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ الْفَزَارِيُّ عُمَرَ، وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، فَاسْتَحْضَرَهُ عُمَرُ، فَاعْتَرَفَ جَبَلَةُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَقِدْهُ. فَقَالَ جَبَلَةُ: كَيْفَ وَأَنَا مَلِكٌ وَهُوَ سُوقَةٌ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ جَمَعَكَ وَإِيَّاهُ، فَلَسْتَ تَفْضُلُهُ إِلَّا بِالتَّقْوَى. فَقَالَ جَبَلَةُ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ أَكُونَ فِي الْإِسْلَامِ أَعَزَّ مِنِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْ ذَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُرْضِ الرَّجُلَ أَقَدْتُهُ مِنْكَ. فَقَالَ: إِذَنْ أَتَنَصَّرَ. فَقَالَ: إِنْ تَنَصَّرْتَ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ. فَلَمَّا رَأَى الْجِدَّ قَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ. فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَلَمَّا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ رَكِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute