بِكَمَالِهِ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ وَخَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ. وَأَمَّا الْبَسَاسِيرِيُّ فَإِنَّهُ فَرَّ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى نَاحِيَةِ بِلَادِ الرَّحْبَةِ، وَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ مِصْرَ بِأَنَّهُ عَلَى إِقَامَةِ الدَّعْوَةِ لَهُ بِالْعِرَاقِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الرَّحْبَةِ وَنِيَابَتِهِ بِهَا ; لِيَكُونَ عَلَى أُهْبَةِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي يُحَاوِلُهُ، قَبَّحَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ قُلِّدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّامَغَانِيُّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَاكُولَا، ثُمَّ خُلِعَ عَلَى الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ بَعْدَ دُخُولِهِ بَغْدَادَ بِيَوْمٍ، وَرَجَعَ إِلَى دَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الدَّبَادِبُ وَالْبُوقَاتُ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ تُوُفِّيَ ذَخِيرَةُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَبِيهِ، فَعَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ بِهِ، وَجَلَسَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ لِلْعَزَاءِ، وَجَاءَ النَّاسُ، وَقَدْ أُمِرُوا بِتَخْرِيقِ ثِيَابِهِمْ وَنَشْرِ عَمَائِمِهِمْ وَالتَّحَفِّي، وَقُطِعَتِ الدَّبَادِبُ أَيَّامَ الْعَزَاءِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ وَدَارِ الْمُلْكِ حُزْنًا عَلَى وَلِيِّ عَهْدِ الْخِلَافَةِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى أَبُو كَامِلٍ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّلَيْحِيُّ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى أَكْثَرِ أَعْمَالِ الْيَمَنِ، وَخَطَبَ فِيهَا لِلْفَاطِمِيِّينَ، وَقَطَعَ خُطْبَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ.
وَفِيهَا كَثُرَ فَسَادُ الْغُزِّ وَنَهْبُهُمْ، فَثَاوَرَهُمُ الْعَوَامُّ وَاقْتَتَلُوا، وَنَهَبُوا الْعَامَّةَ حَتَّى أُبِيعَ الثَّوْرَ بِخَمْسَةِ قَرَارِيطَ، وَالْحِمَارُ بِقِيرَاطَيْنِ إِلَى خَمْسَةِ قَرَارِيطَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute