فِي " الْمُنْتَظَمِ ".
قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَرْسَلَانُ التُّرْكِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَسَاسِيرِيِّ قَدْ عَظُمَ أَمْرُهُ وَاسْتَفْحَلَ ; لِعَدَمِ أَقْرَانِهِ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَتْرَاكِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَطَارَ اسْمُهُ وَتَهَيَّبَتْهُ أُمَرَاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَابِرِ الْعِرَاقِيَّةِ وَالْأَهْوَازِ وَنَوَاحِيهَا، وَلَمْ يَكُنِ الْخَلِيفَةُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، ثُمَّ صَحَّ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ سُوءُ عَقِيدَتِهِ، وَشَهِدَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَرَّفَهُمْ وَهُوَ بِوَاسِطٍ عَزْمَهُ عَلَى نَهْبِ دَارِ الْخِلَافَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَكَاتَبَ الْخَلِيفَةُ أَبَا طَالِبٍ مُحَمَّدَ بْنَ مِيكَائِيلَ بْنِ سَلْجُوقَ الْمُلَقَّبَ طُغْرُلْبَكَ يَسْتَنْهِضُهُ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَانْفَضَّ أَكْثَرُ مَنْ كَانَ مَعَ الْبَسَاسِيرِيِّ، وَعَادُوا إِلَى بَغْدَادَ سَرِيعًا، ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قَصْدِ دَارِ الْبَسَاسِيرِيِّ وَهِيَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فَأَحْرَقُوهَا، وَهَدَمُوا أَبْنِيَتَهَا.
وَوَصَلَ طُغْرُلْبَكُ إِلَى بَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْحُجَّابُ، وَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ جِدًّا، وَخُطِبَ لَهُ بِهَا، ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قُطِعَتْ خُطْبَةُ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَرُفِعَ إِلَى الْقَلْعَةِ مُعْتَقَلًا، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ لِبَغْدَادَ سِتَّ سِنِينَ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَطُغْرُلْبَكُ أَوَّلُ مُلُوكِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَنَزَلَ طُغْرُلْبَكُ دَارَ الْمَمْلَكَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عِمَارَتِهَا، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ دُورَ الْأَتْرَاكِ، وَكَانَ مَعَهُ ثَمَانِيَةُ أَفْيِلَةٍ، وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالْعَامَّةِ، وَنُهِبَ الْجَانِبُ الشَّرْقِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute