للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفقًا بمن عليه الدين والرفق بعد الموت أن يُقضي دينه وتبرأ ذمته، والدليل عليه ما روى أبو هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يُقضى عنه» رواه أحمد والترمذي وحسنه، ولخراب ذمة الميت، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وليس لضامن إذا مات مضمونة مطالبة رب حق يقبض الدين المضمون فيه من تركة مضمون عنه ليبرأ الضامن أو أن يُبريه أي الضامن من الضمان كما ل لم يمت الأصل، وقيل: له مطالبة رب الحق من تركة المضمون عنه أو يبريه، قال في «تصحيح الفروع»: قلت: وهو الصواب، وهذا القول هو الراجح عندي. والله أعلم. وإن بيت على المفلس بقية وله صنعة، فقيل يجبر على إيجار نفسه لقضاء ما بقي من الدين وهو قول عمر بن عبد العزيز وسوار والعنبر وإسحاق؛ لما روي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع سُرَّقًا في دينه، وكان سُرَّقًا دخل المدينة، وذكر أن وراءه مالًا فداينه الناس فركبته ديون، ولم يكن وراءه مال فسمّاه سُرَّقًا وباعه بخمسة أبعرة» رواه الدارقطني بمعناه من رواة خلد بن مسلم الربحي إلا أن فيه كلامًا. والحر لا يباع ثبت أنه باع منافعه؛ ولأن المنافع مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم أخذ الزكاة وثبوت الغنى بها فكذلك في وفاء الدين منها؛ ولأن الإجارة عقد معاوضة فجاز إجباره عليه كبيع ماله ولأنها إجارة لما يملك إجارته فيجبر عليها لوفاء دينه كإجارة أم ولده، وهذا القول من المفردات: قال ناظمها:

ومُفْلِسٌ ذُو صَنْعةٍ فَيؤجرُ … لِنَفْسِهِ وَإنْ أبَى فَيُجْبَرُ

وقيل: لا يجبر، وهو قول مالك والشافعي؛ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}؛ ولما روى أبو سعيد أن رجلًا أصيب في ثمرة ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا عليه فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه»، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>