للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم؛ ولأنه تكسبٌ للمال فلم يجبر عليه كقبول الهبة والصدقة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم.

ويجبر المفلس على إيجار موقوف عليه يستغني عنه وعلى إيجار أمِّ ولده إن استغنى عنها؛ لأنه قادر على وفاء دينه فلزمه كمالك ما يقدر على الوفاء منه، ولا يُجبر من لزَمه حج أو كفارة ونحوهما من حقوق الله تعالى على إيجار نفسه ووقفه وأُمِّ ولده في ذلك؛ لأن ماله لا يباع فيه فنفعه أولى، ولا يجبر المدين المفلس أو غيره على قبول هبة أو صدقة أو عطية أو وصية لما فيه من الضرر عليه من تحمّل المنّة التي تأباها قلوب ذوي المروآت، قال قطرب:

للَّدغ الفِ مَنَّهْ … وَلَا احْتِمَالُ مِنَّهْ

وقال غيره: (مِنْنُ الرجالِ عَلى القُلُوْبِ أشد من وَقعِ الأسِنَّهْ).

ولو كان المتبرع ابنًا له ولا يملك غير المدين وفاء دَينه عنه مع امتناع المدين منه، وكذلك لو بذله غير المدين وامتنع ربّه من أخذه منه، قال الشيخ: ع ن فإن قلت تقدم أن وفاء الدين عن الغير لا يتوقف على إذن المدين حتى أن للموفي الرجوع إذا نواه، قت: يمكن حمل ذلك على ما إذا لم يوجد من المدين امتناع يعذر معه بخلاف ما هنا؛ فإن وفاء الدين ليس بواجب حال الإعسار فلم يقم الموفي عن المدين بواجب؛ لأن المعسر يقول له: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فما تقدم مقيد فلا تغفل. اهـ.

ولا يملك الحاكم قبض مَا ذكر من هبة وصدقة ووصية وعطية للمدين لوفاء دينه بلا إذن من المدين لفظي أو عرفي؛ لأنه لا يملك إجباره عليه فلم يملك فعله عنه ولا يُجبر المفلسُ على تزويج أم ولد لوفاء دينه مما يأخذ من مهرها لما فيه تحريمها عليه بالنكاح وتعلق حق الزوج ولا تجبر

<<  <  ج: ص:  >  >>