للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإبراء منها كلها وما شاء منها.

ولا يصح التوكيل في عقد فاسد كبلا ولي أو شراء شيء بلا رؤية؛ لأن الموكل لا يملكه ولم يأذن الشرع فيه، بل حرمه، فلا يصح ولا يملك الصحيح مما وكله به كإجرائه عقد التزويج بولي، وشرائه الشيء بعد الرؤية فلم يصح لمخالفته اشتراط الموكل. قال في «الإنصاف»: إذا وكله في بيع فاسد فباع بيعًا صحيحًا، لم يصح، قطع به الأصحاب، والذي يترجح عندي صحته إذا لم يحصل ضرر على المالك ولا نقص. والله أعلم.

ولا يصح التوكيل في كل قليل وكثير، ذكره الأزجي إتفاق الأصحاب؛ لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله، وطلاق نسائه، وإعتاق أرقائه، وتزويج نساء كثيرة، ويلزمه المهور الكثيرة فيعظم الغرر والضرر؛ ولأن التوكيل لابد أن يكون في تصرف معلوم، وقيل: يصح كما لو وكله في بيع ماله كله أو المطالبة بحقوقه كلها أو الإبراء منها أو بما شاء منها فمتى عرف فيه الوكالة صحّ التوكيل، ولو عمّت الوكالة كل ماله التصرف فيه حيث لا محذور.

وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

ولا يصح التوكيل إن قال: اشتر ما شئت، أو اشتر عبدًا بما شئت؛ لأن ما يمكن شراؤه، والشراء به يكثر فيكثر فيه الغرر حتَّى يُبين للوكيل نوع وقدر الثمن؛ لأنه إذا ذكر نوعًا فقد أذن في أعلاه ثمنًا فيقل الغرر فيه وقدر الثمن يشتري به؛ لأن الغرر لا ينتفي إلا بذكر الشيئين، ما لم يكن مقدار ثمن المبيع معلومًا بين الناس كمكيل وموزون؛ لأنه لا غرر فيه ولا ضرر، وإن قال لوكيله: اشتر كذا وكذا، لا يصح التوكيل للجهالة، وقيل: يصح إذا قال: اشتر لي عبدًا بما شئت، والذي تطمئن إليه النفس صحة ذلك إذ لا محذور فيه ولا دليل على المنع. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>