للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أخرَّ أحدُهما حقه من الدين الحال جاز لصحة انفراده بإسقاط حقه من الطلب به كالإبراء بخلاف حق الشريك، وقال أبو حنيفة: لا يجوز؛ ولكن القول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم.

وللذي أخر حقه من الدين مشاركة شريكه الذي لم يؤخر لاشتراكه بينهما، وإن تقاسما دينًا في ذمة شخص أو أكثر، لم يصح؛ لأن الذمم لا تتكافأ ولا تتعادل والقسمة تقتضيهما؛ لأنها بغير تعديل البيع وبيع الدين غير جائز؛ فإن تقاسما ثم هلك بعض الدين فالباقي بينهما والهالك عليهما، وقيل: يصح صححه في النظم، واختاره الشيخ تقي الدين، وقدمه في «الرعايتين»، وبه قال الحسن وإسحاق؛ لأن الاختلاف لا يمنع القسمة كاختلاف الأعيان فعليها لا رجوع إذا أبرأ كل منهما صاحبه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم.

ومحل الخلاف إذا كان في ذمتين فأكثر؛ وأما إن كان في ذمة واحدة فلا يصح قولًا واحدًا قاله في «المغني» و «الشرح». وقال الشيخ تقي الدين -رحمه الله-: يجوز أيضًا، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وعلى كل من الشركاء تولي ما جرت عادة بتوليته من نشر ثوب وطيه وختم وإحراز لمالها وقبض نقده لحمل إطلاق الإذن على العرف، ومقتضاه تولي مثل هذه الأمور بنفسه؛ فإن فعل ما عليه توليه بنائب بأجرة فهي عليه؛ لأنه بذلها عوضًا عما عليه، وما جرت عادة بأن يستنيب فيه، كالنداء على المتاع فله أن يستأجر من مال الشركة إنسانًا حتى شريكه لفعله إذا كان فعله مما لا يستحق أجرته إلا بعمل كنقل طعام ونحوه، ككيله وكاستئجار غرائر شريكه لنقله فيها أو داره ليحرز فيها، وليس للشريك فعل ما جرت العادة بعدم توليه بنفسه ليأخذ أجرته بلا استئجار صاحبه له؛ لأنه قد تبرع بما لا يلزم فلم يستحق شيئًا كالمرأة التي تستحق الاستخدام إذا خدمت المرأة نفسها، ويحرم على شريك في زرع فرك شيء من سنبله

<<  <  ج: ص:  >  >>