وهي شرعًا: دفع مال، وما في معنى الدفع كوديعة وعارية وغصب، إذا قال ربها لمن هي بيده ضارب بها على كذا مُعيّن، فلا يصح ضارب بإحدى هذين الكيسين تساوي ما فيهما أو اختلف علمًا ما فيهما أو جهلاه؛ لأنها عقد تمنع صحته الجهالة، فلم تجز على غير معين كالبيع معلم قدره، فلا تصح بصبرة دراهم أو دنانير إذ لابد من الرجوع إلى رأس المال عند الفسخ ليعلم الربح ولا يمكن مع الجهل، لمَنْ يتجر فيه بجزء معلوم من ربحه كنصفه أو عشرة للمتجر فيه أو لقنّه؛ لأن المشروط لرقيقه لسيده فلو جعلاه بينهما أو بين عبد أحدهما أثلاثًا كان لصاحب العبد الثلثان، وللآخر الثلث وإن كان العبد مشتركًا بينهما نصفين فكما لو لم يذكر العبد والربح بينهما نصفين أو شرط الجزء للعامل ولأجنبي مع عمل من الأجنبي بأن يقول: اعمل في هذا المال بثلث الربح لك، ولزيد على أن يعمل معك؛ لأنه في قوة قوله: اعملا في هذا المال بالثلث؛ فإن لم يشترط عملًا من الأجنبي لم تصح المضاربة؛ لأنه شرط فاسد يعود إلى الربح كشرط دراهم.
وتسمى المضاربة قراضًا ومعاملة من العمل، وهي أمانة ووكالة بالإذن بالتصرف؛ فإن ربح المال بالعمل فشركة لصيرورتهما شريكين في ربح المال.
قال ابن القيم في «الهدي»: المضارب أمين وأجير، ووكيل وشريك فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه وشريك إذا ظهر فيه ربح، وإن فسدت المضاربة فكالإجارة الفاسدة؛ لأن الربح كله لرب المال، وللعامل أجرة مثله وإن تعدى العامل في المال بأن فعل ما ليس له فعله فكغصب في الضمان لتعديه ويرد المال وربحه ولا أجرة له.
قال في «الرعاية الكبرى»: وإن تعدى المضارب الشرط أو فعل ما ليس له فعله أو ترك ما يلزمه ضمن المال ولا أجرة وربحه لربه. اهـ. ولا يعتبر