لمضاربة قبض عامل رأس المال، فتصح، وإن كان بيد ربه، وتنعقد بما يؤدي معنى المضاربة والقراض من كل قول دل عليها؛ لأن المقصود المعنى فجاز بكل ما يدل عليه وتكفي مباشرة العامل للعمل، ويكون قبولًا لها كالوكالة، وتصح المضاربة من مريض مرض الموت المخوف؛ لأنها عقد يبتغي به الفضل أشبه البيع والشراء، ولو سمي فيها لعامله أكثر من أجر مثله فيستحقه ويقدم به على الغرماء؛ لأنه غير مستحق من مال رب المال، وإنما حصل بعمل المضارب في المال فما حصل من الربح المشروط يحدث على ملك العامل بخلاف ما لو حابى أجيرًا في الأجر؛ فإن الأجر يؤخذ من ماله أو ساقي أو زارع محاباة فتعتبر من ثلثه لخروج المشروط فيهما ن عين ملكه بخلاف الربح في المضاربة؛ فإنه إنما حصل بالعمل، وقول رب مال لآخر: اتجر به وكل ربحه لي إبضاع؛ لأنه قرن به حكم الإبضاع فانصرف إليه لا حق للعامل فيه؛ لأنه ليس بمضاربة ولا أجرة له، وإن قال مع ذلك: وعليك ضمانه، لم
يضمنه؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد وقول رب المال اتجر به وكل الربح لك قرض لا مضاربة؛ لأنه قرن به حكم القرض فانصرف إليه؛ فإن قال: معه ولا ضمان عليك، لم ينتف كما لو صرح به، ولا حق لربه وهو الدافع في الربح.
وإن قال: اتجر به والربح بيننا صح مضاربة، ويستويان في الربح لإضافته إليهما واحدة ولم يترجح به أحدهما، وإن قال: اتجر به ولي ثلث الربح يصح، وباقيه للآخر، أو قال: اتجر به ولك ثلث الربح يصح مضاربة، وباقي الربح للآخر الذي لم يسمي له؛ لأن الربح لا يستحقه غيرهما، فإذا قدر نصيب أحدهما عنه فالباقي للآخر بمفهوم اللفظ؛ لقوله تعالى:{فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} فلما لم يذكر نصيب الأب علم أن الباقي وهو ثلثي الميراث له، وكذا لو وصى بمائة لزيد وعمرو، وقال لزيد: منها ثلاثون،