للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المتاع فجاز توقيته بالزمان كالوكالة، ولو قال رب المال: ضارب بهذا المال شهرًا ومتى مضى الأجل فمال المضاربة قرض، صح ذلك؛ فإن مضى الأجل والمال ناض صار المال قرضًا، وإن مضى الأجل وهو متاع فعلى العامل تنضيضه، فإذا باعه ونضضه صار قرضًا؛ لأنه قد يكون لرب المال فيه غرض، وإن قال رب عرض: بع هذا العرض وضارب بثمنه صح، أو قال رب وديعة: اقبض وديعتي من زيد أو منك وضارب بها، أو قال رب دين: اقبض ديني من فلان وضارب به، صح؛ لأنه وكله في قبضه الدين أو الوديعة وعلق المضاربة على القبض وتعليقها صحيح، وإن قال: ضارب بديني الذي عليك فللعلماء فيها قولان: أحدهما: لا يصح؛ لأن الدين في الذمة ملك لمن هو عليه ولا يملكه رب إلا بقبضه ولم يوجد، وهذا المذهب وهو قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل دينًا له على رجُل مضاربة. والقول الثاني: يصح؛ لأنه إذا اشترى شيئًا للمضاربة فقد اشتراه بإذن رب المال ودفع الثمن إلى من أذن له في دفع ثمنه إليه فتبرأ ذمته منه ويصير كما لو دفع إليه عرضًا، وقال: بعه وضارب بثمنه، وقال ابن القيم في «إعلام الموقعين»: في المضاربة بالدين قولان في مذهب أحمد، أحدهما: الجواز وهو الراجح في الدليل وليس في الأدلة الشرعية ما يمنع جواز ذلك ولا يقتضي تجويزه مخالفة قاعدة من قواعد الشرع ولا وقوعًا في محظور من ربا ولا قمار ولا بيع غرر ولا مفسدة في ذلك بوجه ما فلا يليق بمحاسن الشريعة المنع منه وتجويزه من محاسنها ومقتضاها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم.

ومن دفع مالًا لاثنين مضاربة في عقد واحد أو عقدين وجعل الدافع الربح بينهما نصفين صح قليلًا كان أو كثيرًا، وإن قال رب المال لكما كذا وكذا كالنصف

<<  <  ج: ص:  >  >>