للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ولا يُشترط لصحتها اتفاق صنعة الشريكين، فلو اشترك حدادٌ ونجارٌ أو خياطٌ وقصارٌ فيما تقبلان في ممها من عمل، صح؛ لاشتراكهما في كسب مساح أشبه ما لو اتفقت الصنائع؛ ولأنه قد يكون أحدهما أحذق من الآخر مع إتفاق الصنعة، فربما تقبل أحدهما ما لا يمكن الآخر عملُه، ولا يمنع ذلك صحتها، فكذا اختلاف الصنعة ومن لا يعرف يتمكن من إقامة غيره بإجرة أو مجانًا، ولا يشترط لصحة الشركة معرفة الصنعة لواحد منهما، فلو اشترك شخصان لا يعرفان الخياطة في تقبلها ويدفعان ما تقبلاه لمن يعمله، وما بقي من الأجرة لهما صح، ويلزم غير عارف إقامةُ عارف للصنعة مُقامهُ في العمل ليعمل ما لزمه للمستأجر، وإن مرض أحدُ الشريكين، فالكسب بينهما على ما شرطاه.

قال أحمد: هذا بمنزلة حديث عمار وسعد وابن مسعود؛ ولأن العمل مضمون عليهما وبضمانهما له وجبت الأجرة فتكون لهما ويكون العامل منهما عونًا لصاحبه في حصته، ولا يمنع ذلك استحقاقه، ويلزم من عذر بنحو مرض في ترك عمل مع شريكه بطلب شريكه له أن يقيم مقامه في العمل لدخولهما على العمل فلزمه أن يفي بمقتضى العقد وللآخر الفسخ إن امتنع أو لم يمتنع؛ وأما شركة الدلالين فصفتها أن يشترك اثنان فيما يأخذان من الناس من الأموال التي يبيعونها فيما حصل لهما، ويكون معنى اشتراكهما أن كل واحد منهما يبيع ما أخذ شريكه كما يبيع هو ما أخذه من الناس، فقيل: لا تصح؛ لأنه لابد فيها من وكالة، وهي على هذا الوجه لا تصح كآجر دابتك، والأجرة بيننا؛ لأن الشركة الفرعية لا تخرج عن الوكالة والضمان، ولا وكالة هنا ولا ضمان؛ فإنه لا دين يصير بذلك في ذمة واحد منهما ولا تقبُّل عملٍ.

وقال الشيخ تقي الدين: وتصح شركة الدلالين وجعلها بمنزلة خياطة الخياط ونجارة النجار. وموجب العقد التساوي في العمل والأجر، وهذا القول

<<  <  ج: ص:  >  >>