للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أحد منهم البتة. وقوله: كانوا أعف من ذلك أي كانوا أعف من أن يدخلوا في الرهان دخيلًا كالمستعار، ولهذا قال جابر بن زيد راوي هذه القصة: إنه لا يحتاج المتراهنان إلى محلل حكاه الجوزجاني وغيره عنه، ومن حجج المجوزين للتراهن من غير محلل.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وهذا يقتضي الأمر بالوفاء لكل عقد إلا عقدًا حرمه الله ورسوله أو أجمعت الأمة على تحريمه وعقد الرهان من الجانبين ليس فيه شيء من ذلك، فالمتعاقدان مأموران بالوفاء به.

وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً}، وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا»، وقال: «إن من أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته» وهذا يدل على أن العقود والمعاملات على الحل حتى يقوم الدليل من الكتاب والسُّنة على تحريمها، فكما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، قالوا: وقد أطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز أخذ السبق في الخف والحافر والنصل إطلاق مشروع لإباحته ولم يقيده بمحلل، فقال: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، فلو كان السباق بدونه حرامًا وهو قمار عند المشترطين فكيف يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جواز السبق في هذه الأمور ويكون أغلب صوره مشروطًا بالمحلل وأكل المال بدونه حرام ولا ثبت بنص ولا إيماء ولا تنبيه ولا بنقل عنه ولا عن أصحابه مدة رهانهم ولا في قضية واحدة، قالوا: وروى أحمد أيضًا حديثًا عن غندر عن شعبة عن سماك قال: سمعت عياضًا الأشعري قال: قال أبو عبيدة من يراهنني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب، قال: فسبقه، قال: فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقران وهو على فرسه خلفه

<<  <  ج: ص:  >  >>